بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد قال: قال سعد: يا رسول الله، إنا قد خلفنا من قومنا قوما ما نحن بأشد حبا لك منهم، ولا أطوع لك منهم، لهم رغبة في الجهاد ونية، ولو ظنوا يا رسول الله أنك ملاق عدوا ما تخلفوا، ولكن إنما ظنوا أنها العير. نبني لك عريشا فتكون فيه ونعد لك رواحلك، ثم نلقي عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن تكن الأخرى جلست على رواحلك فلحقت من وراءنا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا، وقال: " أو يقضي الله خيرا من ذلك يا سعد! " قالوا: فلما فرغ سعد من المشورة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" سيروا على بركة الله، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين. والله، لكأني أنظر إلى مصارع القوم. " قال: وأرانا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصارعهم يومئذ، هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان، فمنا عدا كل رجل مصرعه. قال: فعلم القوم أنهم يلاقون القتال، وأن العير تفلت، ورجوا النصر لقول النبي صلى الله عليه وسلم (1).
كانت هذه استشارة رسول الله في هذا المقام.
ان رسول الله صلى الله عليه وآله يستشير أصحابه في ماذا يفعلون، وقد أخبره الله سبحانه وتعالى بأنهم سيقاتلون وينتصرون، وأخبره بمصارع القوم، والرسول صلى الله عليه وآله أيضا يخبر أصحابه بمصارع القوم بعد أن وافقوه على القتال، فهو إذ يستشيرهم لا يريد الاستفادة من رأيهم، وإنما هو نوع من الملاينة واخبار بافلات عير قريش وتغيير الامر من الاستيلاء على مال التجارة إلى القتال فليستعدوا للقتال.
كانت هذه مشاورة الرسول صلى الله عليه وآله أصحابه في هذا المقام، وفي ما يلي قصة مشورة أصحاب الرسول في غزوة أحد، وفي هذه المشاورة عمل رسول الله صلى الله عليه وآله برأي أصحابه كما ورد في مغازي الواقدي وإمتاع الأسماع للمقريزي قالا: ان رسول الله صلى الله عليه وآله صعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس، إني رأيت في منامي رؤيا: رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت كأن سيفي ذا الفقار انقصم (2) من عند ظبته (3)، ورأيت بقرا تذبح، ورأيت كأني مردف كبشا. " فقال الناس يا رسول الله، فما أولتها؟ قال: " أما الدرع الحصينة