فضننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشجى، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمر من طعم العلقم " (905).
وسأله بعض أصحابه: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟
فقال (1): " يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين، ترسل في غير سدد، ولك بعد ذمامة الصهر وحق المسألة وقد استعلمت فاعلم، أما الاستبداد علينا بهذا المقام، ونحن الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله نوطا، فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، والحكم لله والمعود إليه يوم القيامة، ودع عنك نهبا صيح في حجراته... الخطبة " (906) وقال عليه السلام (2): " أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا؟ كذبا علينا وبغيا إن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى، إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم... الخ " (907). وحسبك قوله في بعض خطبه (3): " حتى إذا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، رجع قوم على الأعقاب، وغالتهم السبل، واتكلوا على الولائج (4)، ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته، ونقلوا البناء عن رص أساسه، فبنوه في غير مواضعه معادن كل خطيئة، وأبواب كل ضارب في غمرة، قد ماروا في الحيرة، وذهلوا في السكرة، على سنة من آل فرعون، من منقطع إلى الدنيا راكن، أو مفارق للدين مباين (908) " وقوله في خطبة خطبها بعد البيعة له، وهي من جلائل خطب النهج (5): " لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله، من هذه الأمة