به على مئة ألف أو يزيدون، من أمته، فبلغهم أنه وليهم من بعده، وبهذا كان نص الغدير أظهر مصاديق السنن المتواترة، فانظر إلى حكمة النبي إذ أشاد به على رؤوس تلك الإشهاد وانتبه إلى حكمة الوصي يوم الرحبة إذ ناشدهم بذلك النشاد، فأثبت الحق بكل تؤدة اقتضتها الحال، وكل سكينة كان الإمام يؤثرها، وهكذا كانت سيرته في بث العهد إليه، ونشر النص عليه، فإنه إنما كان ينبه الغافلين بأساليب لا توجب ضجة ولا تقتضي نفرة.
وحسبك ما أخرجه أصحاب السنن من حديثه عليه السلام في الوليمة التي أولمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في دار عمه شيخ الأبطاح بمكة يوم أنذر عشيرته الأقربين، وهو حديث طويل جليل (1)، كان الناس ولم يزالوا يعدونه من أعلام النبوة، وآيات الاسلام، لاشتماله على المعجز النبوي بإطعام الجم الغفير من الزاد اليسير، وقد جاء في آخره: أن النبي صلى الله عليه وآله، أخذ برقبته، فقال: " إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيك، فاسمعوا له وأطيعوا ( 894) " وكثيرا ما كان يحدث بأن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال له: " أنت ولي كل مؤمن بعدي " (895) وكم حدث بقوله له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " (896) وكم حدث بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم -: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى.
قال: من كنت وليه فهذا - علي - وليه " (897) (1) إلى كثير من النصوص التي لم تجحد، وقد أذاعها بين الثقات الأثبات، وهذا كل ما يتسنى له في تلك الأوقات، ( حكمة بالغة فما تغنى النذر) ويوم الشورى أعذر وأنذر، ولم يبق من خصائصه ومناقبه شيئا إلا احتج به (898)، وكم احتج أيام خلافته متظلما، وبث شكواه على المنبر متألما، حتى قال: " أما والله لقد تقمصها فلان، وأنه ليعلم أن محلي منها