مسيرك؟ وأخذ لحيته ثم مكث هنيئة ثم قام فذهب، فقال أبو أراكة لزياد: أصلح الله الأمير من هذا الشيخ؟ قال: هذا أخ من إخواننا من أهل الشام وقدم علينا زائرا فانصرف أبو أراكة إلى منزله فإذا رشيد بالبيت كما تركه فقال له أبو أراكة: أما إذا كان عندك من العلم كما أرى فاصنع ما بدا لك واخل علينا كيف شئت؟.
وروى الشيخ الكشي عن أبي حيان البجلي عن قنوا بنت رشيد الهجري قال: قلت لها أخبريني ما سمعت من أبيك؟ قالت: سمعت من أبي يقول: أخبرني مولاي أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا رشيد: كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك فقلت: يا أمير المؤمنين أدخر ذلك إلى الجنة. فقال يا رشيد: أنت معي في الدنيا والآخرة. قالت: فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه عبيد الله بن زياد الدعي فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين (ع) فأبى أن يتبرأ منه فقال له الدعي: فأي ميتة قال لك تموت؟ فقال له: أخبرني خليلي انك تدعوني إلى البراءة منه فلا أبرأ فتقطع يدي ورجلي ولساني. فقال: والله لأكذبن قوله قال: فقدموه فقطع يديه ورجليه وترك لسانه، فحملت أطراف يديه ورجليه: فقلت يا أبتاه هل تجد ألما أصابك؟ فقال: لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس فلما حملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال:
ايتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة. فأرسل إليه حجام حتى قطع لسانه، فمات رحمه الله في ليلته.
وروي عن فضيل بن الزبير قال: خرج أمير المؤمنين (ع) بالكوفة يوما إلى البستان البرني ومعه أصحابه فجلس تحت نخلة ثم أمر بنخلة فقطعت فأنزل منها رطب فوضع بين أيديهم فقال رشيد الهجري: يا أمير المؤمنين (ع) ما أطيب هذا الرطب؟ فقال يا رشيد: اما انك تصلب على جذعها قال رشيد: فكنت اختلف إليها طرفي النهار وأسقيها ومضى أمير المؤمنين فجئتها يوما وقد قطع سعفها قلت: اقترب أجلي ثم جئت يوما فجاء العريف فقال: أجب الأمير فاتيته فلما دخلت القصر فإذا الخشبة ملقاة ثم جئت يوما آخر فإذا النصف قد جعل زرنوق يستسقى عليه الماء فقلت: ما كذبني خليلي فأتاني العريف فقال:
أجب الأمير فأتيته فلما دخلت القصر إذا الخشبة ملقاة وإذا فيها الزرنوق فجئت حتى ضربت الزرنوق برجلي ثم أدخلت على عبيد الله بن زياد قال: هات من كذب صاحبك فقلت: والله ما أنا بكاذب ولا هو، وقد أخبرني انك تقطع يدي ورجلي ولساني. فقال: إذا والله