أبي سفيان انفذ بسر بن أرطأة إلى الحجاز في طلب شيعة أمير المؤمنين (ع) فدخل بمكة وطلب عبيد الله بن العباس أولا، فلم يقدر عليه لأنه اخفى نفسه فأخبر ان له ولدين صبيين فبحث عنهما فوجدهما فأخذهما وأخرجهما من الموضع الذي كانا فيه، ولهما ذؤابتان فأمر بذبحهما، فذبحا ومضى من ذلك سنين حتى دخل يوما عبيد الله بن العباس على معاوية وعنده بسر بن أرطأة قاتل الصبيين قال عبيد الله أنت قاتل الصبيين؟ قال: نعم قال:
لوددت ان الأرض أنبتتني عندك يومئذ قال بسر أنبتتك الساعة فقال عبيد الله: الا سيف؟
قال بسر هاك سيفي فلما هوى عبيد الله ليأخذ السيف منه قبض معاوية، ومن حضر على يد عبيد الله ثم التفت معاوية إلى بسر وقال: أخزاك الله قد كبرت وذهب عقلك تدفع إلى رجل من بني هاشم سيفك وأنت قتلت ابنيه؟ أنت غافل عن قلوب بني هاشم والله لو اخذ لابتدأ بك وثني بي قال عبيد الله: بل ابتدأت بك وثنيت به، وكان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة لما سمع قصة قتل الصبيين بكى بكاء شديدا ودعا على بسر، وقال:
اللهم أسلبه دينه وعقله فأستجيب دعاء أمير المؤمنين (ع) لان اللعين قد خرف وذهب عقله حتى كان يتمرغ في خرئه ويلعب به، وربما كان يتناول منه ثم يقبل على من يراه ويقول:
انظروا كيف يطعماني أبناء عبيد الله، وربما شدت يداه إلى ورائه منعا من ذلك فيهوى بنفخة ويتناول خرئه بفيه فيبادرون إلى منعه فيقول: أنتم تمنعونني وأبناء عبيد الله عبد الرحمن وقثم يطعماني فلم يزل هكذا حتى هلك عليه لعنة الله، والناس أجمعين انظروا إلى شقاوته وقساوته فرضنا ان أباهما كان مسيئا فما ذنب هذين الصغيرين حتى ذبحهما على صغر سنهما، ساعد الله قلب أمهما، فلما بلغا ذلك كادت نفها تخرج وهي تلطم على خدها وأنشأت هذه الأبيات:
ها من أحس بابني اللذين هما * كالدرتين تشظا عنهما الصدف ها من أحس بابني اللذين هما * سمعي وعيني فقلبي اليوم يختطف أضحت على ودجى طفلي مرهفة * مشحوذة وكذاك الظلم والسرف من دل والهة عبراء مفجعة * على صبيين فانا إذ مضى السلف هذه مصيبة ذكرتني مصيبة يتيمي مسلم بن عقيل.