قتل أكثر أصحاب الحسين، وبقي الحسين في عدد يسير وجعل يقاتل أشد القتال حتى أثخن بالجراح.
قال الراوي: رأيت الحسين بن علي صاحب فخ وقد دفن شيئا ظننت إنه شئ له قدر فلما كان من أمره ما كان نظرنا فإذا هو قطعة من جانب وجهه قد قطع وفنه.
أقول هذا الحسين قد دفن قطعة من وجهه والحسين (ع) دفن يوم عاشوراء قطعة من كبده وهو عبد الله الرضيع إلخ ثم عاد عليهم وكان حماد التركي ممن حضر الواقعة فقال للقوم أروني حسينا فأروه إياه فرماه بسهم فقتله فوهب له محمد بن سليمان مئة ألف درهم ومئة ثوب.
قال أبو القرن الجمال: إن موسى بن عيسى داني وقال لي: أحضر جمالك فجئته بمئة جمل ذكر فختم أعناقها وقال: لا أفقد منها وبرة وإلا ضربت عنقك، ثم تهيأ للسير إلى الحسين صاحب فخ فسار حتى أتينا بستان بني عامر فنظر فقال لي: أذهب إلى عسكر الحسين حتى تراه، وتخبرني بكل ما رأيت فمضيت فدرت فما رأيت خللا ولا فللا، ولا رأيت إلا مصليا أو مبتهلا أو ناظرا في مصحف أو معد للسلاح قال فجئته فقلت: ما أظن القوم إلا منصورين فقال: وكيف ذلك يا بن الفاعلة؟ فأخبرته فضرب يدا على يد وبكى حتى ظننته إنه سينصرف، وقال هم والله أكرم خلق الله وأحق بما في أيدينا منا، ولكن الملك عقيم، لو أن صاحب القبر - يعني النبي (ص) - نازعنا الملك لضربنا خيشومه بالسيف يا غلام أضرب بطبلك. ثم سار إليهم فوالله ما انثنى عن قتلهم.
فلما قتلوهم قطعوا رؤسهم وجاء الجند بالرؤس إلى موسى والعباس وسليمان وبينهم رأس الحسين وبجبهته ضربة طولا وعلى قفاه ضربة أخرى، وكانوا قد نادوا بالأمان فجاء الحسن بن محمد بن عبد الله بن أبي الوقت فوقف خلف محمد بن سليمان والعباس بن محمد فأخذه موسى بن عيسى وعبد الله بن العباس بن محمد فقتلاه فغضب سليمان غضبا شديدا.
فلما أحضروا الرؤس إلى هؤلاء وكانت مئة رأس ونيفا وعندهم جماعة من ولد الحسن والحسين منهم موسى بن جعفر، فلما نظر موسى بن جعفر إلى رأس الحسين بكى فقيل له هذا رأس الحسين قال نعم إنا لله وإنا إليه راجعون مضى والله مسلما صالحا صواما أمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ما كان في أهل بيته مثله، ولما بلغ العمري وهو بالمدينة قتل الحسين بن علي عمد إلى داره، ودور أهله فأحرقها وقبض أموالهم ونخيلهم