نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري - ج ٢ - الصفحة ٢٧٧

____________________
خاصة، وأكثر الاخبار دال على الأول ولعله الأقوى.
والطيرة المراد منه وضع تشأمها عنهم فلا يكون على نسق ما قبلها، فإن المراد من الوضع فيما قبلها وما بعدها وضع المؤاخذة والعقاب، ويجوز أن يراد رفع شدة تأثيرها، فإنهم كانوا إذا تطيروا من شئ تضرروا به، وفي الحديث أن الطيرة على ما تطيرت به (1) يعني: أن حصل الخوف وقوى الوهم، حصل التضرر. وإن قوى العزم وخلصت النية، وقاك الله شرها وضرها.
وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: ثلاث لا يسلم منهن أحد: الطيرة والحسد والظن، قيل: يا رسول الله فما نصنع؟ قال: إذا تطيرت فامض وإذا حسدت فلا تتبع، وإذا ظننت فلا تحقق (2).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله، كفارة الطيرة التوكل (3).
وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: الطيرة شرك، وما منا ولكن الله يذهبه بالتوكل (4). أي: ما منا أحد إلا ويعتريه الطيرة وتسبق الكراهة إلى قلبه، فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السامع، وإنما جعل الطيرة من الشرك، لأنهم كانوا يزعمون أن التطير يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضررا إذا عملوا بموجبه، فكأنهم جعلوه شريكا لله تعالى، وقوله (ولكن الله يذهبه بالتوكل) معناه: أن الذنب الحاصل من عروض التطير يذهب بالتوكل، فيكون كفارته.
وقد ورد في الاخبار ما يرشد إلى التطير، كما رواه الصدوق وغيره مسندا إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: الشؤم للمسافر في طريقه في سبعة:

(١) بحار الأنوار ٥٨: ٣٢٢ ح ١١. وفيه: الطيرة على ما تجعلها.
(٢) كنز العمال ١٦: ٢٧ - ٢٨.
(٣) بحار الأنوار ٥٨: ٣٢٢ ح ١٠.
(٤) كنز العمال ١٠: ١١١ - 114.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست