لكن الأصحاب اتفقوا على أنه لا تتحقق التذكية إلا بالحديد مع الاختيار ولا يجزي غيره وإن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس والرصاص والفضة والذهب وغيرها.
وأما مع الاضطرار فجوزوا بكل ما فرى الأعضاء من المحددات، ولو من خشب أو قصب أو حجر عدا السن والظفر، وادعوا الاجماع عليه، ودلت الأخبار الكثيرة على عدم جواز التذكية بغير الحديد في حال الاختيار، وجواز التذكية بما سوى السن والظفر في حال الاضطرار، وأما السن والظفر ففي جواز التذكية بهما عند الضرورة قولان:
أحدهما: العدم، ذهب إليه الشيخ في المبسوط والخلاف، وادعى فيه إجماعنا واستدل عليه برواية رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما أنهر الدم (1) وذكر اسم الله عليه فكلوا إلا ما كان من سن أو ظفر وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم من الانسان، وأما الظفر فمدى الحبشة.
والثاني: الجواز، ذهب إليه ابن إدريس وأكثر المتأخرين للأصل وعدم ثبوت المانع فان خبره عامي، والتصريح بجوازه بالعظم في صحيحة الشحام السابقة، ودلالة التعليل الوارد في هذا الخبر على عدم الجواز بالعظم فيتعارض الخبران فيقدم الصحيح منهما، أو يحمل الآخر على الكراهة، كذا قال في المسالك.
وقال: وربما فرق بي المتصلين والمنفصلين من حيث أن المنفصلين. كغيرهما من الآلات بخلاف المتصلين فان القطع بهما يخرج عن مسمى الذبح بل هو أشبه بالاكل والتقطيع، والمقتضي للذكاة هو الذبح، ويحمل النهي في الخبر على المتصلين جمعا، والشهيد في الشرح استقرب المنع من التذكية بالسن والظفر مطلقا للحديث المتقدم، وجوزها بالعظم وغيرهما لما فيه من الجمع بين الخبرين، لكن يبقى فيه منافاة التعليل لذلك.