فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله عز وجل قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الأمة، ويقضوا على الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني (1)، وأنت أولى من يفعل ذلك.
فقال: أفعل يا أبا الحسن، ثم قام، فقام الرشيد لقيامه، وقبل عينيه ووجهه، ثم أقبل علي وعلى الأمين والمؤتمن، فقال: يا عبد الله، ويا محمد، ويا إبراهيم، امشوا بين يدي عمكم وسيدكم، خذوا بركابه، وسووا عليه ثيابه، وشيعوه إلى منزله، فأقبل علي أبو الحسن (2) موسى ابن جعفر - عليه السلام - سرا بيني وبينه فبشرني بالخلافة وقال [لي] (3): إذا ملكت هذا الامر فأحسن إلى ولدي، ثم انصرفنا وكنت أجرأ ولد أبي عليه.
فلما خلا المجلس قلت: يا أمير المؤمنين، من هذا الرجل [الذي] (4) قد أعظمته وأجللته، وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟
قال: هذا إمام الناس، وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده.
فقلت: يا أمير المؤمنين، أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟
فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنه لاحق بمقام رسول الله - صلى الله عليه وآله - مني، ومن الخلق جميعا، ووالله لو نازعتني هذا الامر لاخذت الذي فيه