فأنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد (1) قد أنهكته العبادة كأنه شن بال، قد كلم [من] (2) السجود جبهته (3) وأنفه، فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد: لا والله إلا على بساطي، فمنعه الحجاب من الترجل، ونظرنا إليه بأجمعنا بالاجلال (4) والاعظام، فما زال يسير على حماره حتى صار إلى البساط والحجاب وألقوا محدقون به، فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط، وقبل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس، وأجلسه معه [فيه] (5)، وجعل يحدثه ويقبل بوجهه عليه، ويسأله عن أحواله، ثم قال (له) (6): يا أبا الحسن، ما عليك من العيال؟
فقال: يزيدون على خمسمائة.
قال: أولاد كلهم؟
قال: لا، أكثرهم موالي وحشم، وأما الولد [فلي] (7) نيف وثلاثون، الذكران (8) منهم كذا، والنسوان منهم كذا.
قال: فلم لا تزوج (9) النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن؟