وآله -، إذ أقبل أعرابي على لقوح (له) (1) فعلقه، ثم دخل فضرب ببصره يمينا وشمالا كأنه طائر العقل، فهتف به أبو جعفر - عليه السلام - فلم يسمعه، فأخذ كفا من حصي (فحصبه، فاقبل الاعرابي حتى نزل بين يديه، فقال له: يا أعرابي) (2) من أين أقبلت؟
قال: من أقصى الأرض، (فقال له أبو جعفر: الأرض) (3) أوسع من ذلك، فمن أين أقبلت؟
قال: من أقصى الدنيا وما خلفي من شئ، أقبلت من الأحقاف.
قال: من أي الأحقاف؟ قال: أحقاف عاد، قال: يا أعرابي فما مررت به في طريقك؟
قال: مررت بكذا، فقال: أبو جعفر - عليه السلام - ومررت بكذا؟
قال الاعرابي: نعم، قال أبو جعفر - عليه السلام - ومررت بكذا؟
قال: نعم فلم يزل يقول الاعرابي: إني مررت بكذا، ويقول له أبو جعفر - عليه السلام -: ومررت بكذا؟ إلى أن قال له أبو جعفر: فمررت بشجرة يقال لها: شجرة الرقاق؟
قال: فوثب الاعرابي على رجليه، ثم صفق بيده وقال: والله ما رأيت رجلا أعلم بالبلاد منك، أوطئتها؟
قال: لا يا أعرابي ولكنها عندي في كتاب، يا أعرابي إن من ورائكم لواديا يقال له: البرهوت، تسكنه البوم والهام، تعذب فيه أرواح