شيئا أحسن من تلك الخمر بين اللبن والماء.
فقلت له: جعلت فداك من أين يخرج هذا؟ ومن أين مجراه؟
فقال: هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه أنهار (1) في الجنة عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر يجري في هذا النهر، ورأيت حافتيه عليهما شجر فيهن (2) جوار معلقات برؤوسهن ما رأيت شيئا أحسن منهن، وبأيديهن آنية ما رأيت أحسن منها، ليست من آنية الدنيا، فدنا من إحداهن فأومأ إليها (3) بيده لتسقيه، فنظرت إليها (4)، وقد مالت لتغرف من النهر، فمال الشجر فاغترفت، ثم ناولته فشرب، ثم ناولها وأومأ إليها فمالت الشجرة معها فاغترفت، ثم ناولته فناولني فشربت، ثم ناولها وأومأ إليها فمالت الشجرة معها فاغترفت، ثم ناولته فناولني فشربت، فما رأيت شرابا كان ألين منه ولا ألذ وكانت رائحته رائحة المسك، ونظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب، فقلت له: جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط وما كنت أرى الامر هكذا.
فقال: هذا من أقل ما أعده الله تعالى لشيعتنا، إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر، ورعت في رياضه وشربت من شرابه، وإن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت، فاخلدت (5) في عذابه وأطعمت من زقومه وسقيت من حميمه، فاستعيذوا بالله من ذلك