الأحمري قال: حدثني محمد بن سليمان، عن أبيه قال:
كان رجل من أهل الشام (1) - وكان مركزه بالمدينة - يتخلف إلى مجلس أبي جعفر - عليه السلام - يقول له: يا محمد! ألا ترى أني إنما أغشي مجلسك حبا (2) مني لك، ولا أقول إن أحدا في الأرض أبغض إلي منكم أهل البيت، وأعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم، ولكن أراك رجلا فصيحا، لك أدب وحسن لفظ، وإنما اختلافي (3) إليك لحسن أدبك!
وكان أبو جعفر - عليه السلام - يقول له: خيرا، ويقول: لن تخفى على الله خافية، فلم يلبث الشامي إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه، فلما ثقل دعا وليه وقال له: إذا أنت مددت علي الثوب (في النعش) (4) فائت محمد بن علي (وسله أن يصلي علي) (5) واعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك.
قال: فلما أن كان في نصف الليل ظنوا أنه قد برد، وسجوه، فلما أن أصبح الناس خرج وليه إلى المسجد، فلما أن صلى محمد بن علي - عليه السلام - وتورك - وكان إذا صلى عقب في مجلسه - قال له:
يا أبا جعفر إن فلانا الشامي قد هلك، وهو يسألك أن تصلي عليه.