وقال عز من قائل: * (لقد كل في قصصهم عبرة لأولي الألباب) * (1).
وأمر سبحانه وتعالى نبيه - صلى الله عليه وآله - بتحديث القصص، فقال:
* (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) * (2).
وقال أمير المؤمنين - عليه السلام - في وصية لابنه الحسن - عليه السلام - كما في النهج: " أحي قلبك بالموعظة.. إلى أن قال: وأعرض عليه أخبار الماضين، وذكره بما أصاب من كان قبلك من الأولين، وسر في ديارهم وآثارهم، فانظر فيما فعلوا، ومما انتقلوا، وأين حلوا ونزلوا.. أي بني إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم وفكرت في أخبارهم وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأن بما انتهى إلى من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره ". (3) فمن هنا تبرز أهمية التاريخ، ونعرف مدى تأثيره في حياة الأمم، ونعرف أيضا لماذا عنيت الأمم على اختلافها بتاريخها تدوينا، ودرسا، وبحثا، وتحليلا، فهي تريد أن تتعرف من ذلك على واقعها الذي تعيشه، لتستفيد منه في مستقبلها الذي تقدم عليه.
فالتاريخ كله عبرة، وفكرة، وتنبه، لا سيما إذا كان مرتبطا بحياة الأولياء الصالحين وبمعاجزهم الباهرة وآياتهم البينة التي بها أقيم الدين، وبها بهت المعاندون والتزموا ووقع التحدي وتمت الحجة على الناس، وفي ذلك هدى وكفاية لمن كان قلب سليم أو ألقى السمع وهو شهيد.
وممن نال في ذلك بالحظ الوافر العلامة حقا، خريت الحديث، ونابغة الرواية، عيلم الفضل، رباني العلماء السيد هاشم البحراني - رحمة الله عليه - فإنه بذل في هذا المقام جهده.