وعليكم بهذا السواد الأعظم، والرواق المطنب، واضربوا ثبجه فإن الشيطان راقد في كسره، نافخ خصييه (1)، مفترش ذراعيه، قد قدم للوثبة يدا، وأخر للنكوص عقبا، فاصدموا له صدما (2) حتى ينجلي الباطل عن الحق وأنتم الأعلون.
(ألا) (3) فاثبتوا في المواكب، وعضوا على النواجد فإنه أبني للسيوف عن الهام فاضربوا بالصوارم فشدوا، فها أنا ذا شاد، محمل على الكتيبة وحملهم حتى خلطهم، فلما دارهم دور الرحى المسرعة، وثار العجاج فما كنت أرى إلا رؤوسا بادرة (4)، وأبدانا طافحة، وأيدي طائحة، وقد أقبل أمير المؤمنين - عليه السلام - وسيفه يقطر دما وهو يقول {قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون}. (5) وروي أن من نجا منهم رجعوا إلى عند معاوية، فلامهم على الفرار بعد أن أظهر التحسر والحزن على ماحل بتلك الكتيبة، فقال كل واحد منهم:
كيف كنت رأيت عليا وقد حمل علي، وكلما التفت ورائي وجدته يقفو أثري.
فتعجب معاوية وقال لهم: ويلكم أن عليا لواحد، كيف كان وراء جماعة متفرقين؟! (6)