ما حال أهل المعصية فاتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حس أحد فوضعوا سلما على سور المدينة ثم إصعدوا رجلا منهم فأشرف المدينة فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون فقال الرجل لأصحابه يا قوم أرى والله عجبا قالوا وما ترى قال أرى القوم صاروا قردة يتعاوون ولهم أذناب فكسروا الباب ودخلوا المدينة قال فعرف القردة أشباهها من الأنس ولم نعرف الانس أشباهها من القردة فقال القوم للقردة ألم ننهكم فقال علي (ع) والله الذي فلق الحبة وبرئ النسمة انى لأعرف أشباهها من هذه الأمة لا ينكرون ولا يقرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا وقد قال الله تبارك وتعالى فبعدا للقوم الظالمين، فقال الله تبارك وتعالى فأنجينا الذين ينهون عن السوء واخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون.
يقول علي بن موسى بن طاووس: انى وجدت في نسخة حديثا غير هذا وانهم كانوا ثلاث فرق فرقة باشرت المنكر وفرقة أنكرت عليهم وفرقة داهنت أهل المعاصي فلم تنكر ولم تباشر المعصية فنجى الذين أنكروا وجعل الفرقة المداهنة ذرا ومسخ الفرقة المباشرة للمنكر قردة.
أقول ولعل مسخ المداهنة ذرا كأنه انكم صغرتم عظمة الله وهو نتم بحرمة الله وعظمتم أهل المعاصي حرمتهم ورضيتم بحفظ حرمتكم بتصغير حرمتنا أفعظمتم ما صغرنا وصغرتم ما عظمنا فمسخناكم ذرا تصغيرا لكم عوض تصغيركم لنا.
أقول: واعلم أن المصغرين لما عظمه الله والمعظمين لما صغره وان لم يمسخوا قردة في هذه الأمة ذرا فقد مسخوا في المعنى ذرا عند الله جل جلاله وعند رسوله (ص) وعند من يصغر ما صغر الله ويعظم ما عظم الله فإنهم في أعينهم كالذر وأحقر من الذر بل ربما لا يتناهى مقدار تصغيرهم وتحقيرهم.
فصل فيما نذكره من تفسير أبي العباس بن عقدة من الوجهة الثانية من