وان خربت وجهدوا وجزعوا قال الله تعالى اني أعطيتك ما سألته فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وقال اخرجوا من هذه القرية إلى غيرها من القرى فتفرقوا وشاع الخبر بما سأل إدريس وتنحى إلى كهف في جبل شاهق ووكل الله تعالى ملكا يأتيه بطعامه وشرابه عند كل مساء كان يصوم النهار وظهر في المدينة جبار اخر فسلبه ملكه أعني الأول وقتله وأطعم الكلاب من لحمه ولحم امرأته فمكثوا بعد إدريس عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض فقالوا ان الذي نزل بنا مما ترون لسؤال إدريس ربه وقد تنحى عنا ولا علم لنا بموضعه والله ارحم بنا منه فاجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله تعالى فقاموا إلى الرماد ولبسوا المسوح وحثوا على رؤوسهم التراب وعجوا إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع إليه، فأوحى الله إلى الملك الذي يأتي إدريس بطعامه ان احبس عنه طعامه فجاع إدريس ليلة فلما كان في ليله اليوم الثاني لم يؤت بطعامه قل صبره وكذلك ليلة الثالث فنادى يا رب حبست عنى رزقي من قبل ان تقبض روحي فأوحى الله تعالى إليه ان اهبط من موضعك واطلب المعاش لنفسك فهبط إلى قرية فلما دخلها نظر إلى دخان بعض منازلها فاقبل نحوه فهجم على عجوزة كبيرة وهي ترقف قرصين على مقلاة فقال بيعي لي هذا الطعام فحلفت انها ما تملك شيئا غيرها وقالت واحد لي وواحد لا نبي فقال لها ان ابنك صغير يكفيه نصف قرصة ويكفيني النصف الاخر فأكلت المرأة قرصها وكسرت الفرص الأخر بين إدريس وبين ابنها فلما رأى ابنها إدريس يأكل قرصه اضطرب حتى مات، قالت أمه يا عبد الله قتلت ابني جزعا قوته فقال لها إدريس انا أحييه بأذن الله تعالى فلا تجزعي ثم اخذ إدريس بعضد الصبي وقال أيتها الروح الخارجة عن هذا الغلام ارجعي إلى بدنه بأذن الله تعالى انا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه، فقالت اشهد انك إدريس النبي وخرجت ونادت في القرية بأعلى صوتها أبشروا بالفرج قد
(١٢٥)