فقلت: تجد، فقال: من؟ فقلت: الأشتر قال: ادعه لي فدعوته فكتب له عهده وكتب معه بسم الله الرحمن الرحيم من علي بن أبي طالب إلى الملأ من المسلمين الذين غضبوا لله حين عصي في الأرض وضرب الجور بأرواقه (1) على البر والبحر فلا حق يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه سلام عليكم أما بعد فإني قد وجهت إليكم عبدا " من عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشد على الفجار من حريق النار وهو مالك بن الحارث الأشتر أخو مذحج (2) فاسمعوا له وأطيعوا فإنه سيف من سيوف الله لا يأتي الضريبة ولا كليل الحد فإن أمركم أن تنفروا فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا وإن أمركم أن تحجموا فأحجموا فإنه لا يقدم إلا بأمري وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوكم، عصمكم ربكم بالهدى وثبتكم باليقين ثم قال له: لا تأخذ على السماوة فإني أخاف عليك من معاوية وأصحابه ولكن الطريق الأعلى في البادية حتى تخرج إلى أيلة (3) ثم ساحل مع البحر حتى تأتيها، ففعل فلما انتهى إلى أيلة وخرج منها صحبه نافع مولى عثمان بن عفان فخدمه وألطفه حتى أعجبه شأنه، فقال له:
ممن أنت؟ قال: من أهل المدينة قال: من أيهم؟ قال: مولى عمر بن الخطاب قال: وأين تريد؟
قال: مصر قال: وما حاجتك بها؟ قال: أريد أشبع من الخبز فإنا لا نشبع بالمدينة فرق له الأشتر وقال له: ألزمني فإني سأصيبك بخبز، فلزمه حتى بلغ القلزم (4) وهو من مصر على ليلة فنزل على امرأة من جهينة فقالت: أي الطعام أعجب بالعراق فأعالجه لكم؟ قال:
الحيتان الطرية فعالجتها له فأكل وقد كان ظل صائما " في يوم حار فأكثر من شرب الماء فجعل لا يروي فأكثر منه حتى نغر يعني انتفخ بطنه من كثرة شربه (5) فقال له نافع: إن هذا