من بنيه؟ قالوا: صدقت هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم ورفع عنهم الكتاب فهم الكفرة (1) يدخلون النار بغير حساب والمنافقون أشد حالا " منهم فقال الأشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لا عدت إلى مثلها أبدا ".
ثم قال عليه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكئا " على عكازه، فلم يزل يتخطى الناس حتى دنى منه فقال: يا أمير المؤمنين دلني على عمل إن أنا عملته نجاني الله تعالى من النار، فقال له: اسمع يا هذا ثم افهم، ثم استيقن قامت الدنيا بثلاثة بعالم ناطق مستعمل لعلمه وبغني لا يبخل بما له عن أهل دين الله وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون بالله، أن الدار قد رجعت إلى بدئها - أي إلى الكفر بعد الإيمان -.
أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى إنما الناس ثلاثة: زاهد وراغب وصابر، فأما الزاهد فلا يفرح بشئ من الدنيا أتاه ولا يحزن على شئ منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فإن أدرك منها شيئا " صرف عنها نفسه بما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أو من حرام قال: يا أمير المؤمنين وما علامات المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه، وينظر إلى ما خالف فيتبرء منه وإن كان حبيبا " قريبا "، قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ثم غاب الرجل ولم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه فتبسم عليه السلام على المنبر، ثم قال: ما لكم هذا أخي الخضر عليه السلام.
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني فلم يقم إليه أحد فحمد الله وأثنى عليه وصلى