عقد بالطاعة ولا يحل بالمعصية، وإذا لم يجز التزويج بجهة المعصية لم يجز الطلاق بجهة المعصية وفي إجازة ذلك طعن على الله عز وجل فيما أمر به وعلى رسوله فيما سن، لأنه إذا كان العمل بخلافهما فلا معنى لهما وفي قولنا من شذ عنهما رد إليهما وهو صاغر. قال أبو حنيفة: قد جوز العلماء ذلك، قال أبو جعفر: بئس العلماء الذين جوزوا للعبد العمل بالمعصية و استعمال سنة الشيطان في دين الله ولا عالم أكبر من الكتاب والسنة، فلم تجوزون للعبد الجمع بين ما فرق الله من الطلاق الثلاث في وقت واحد ولا تجوزون له الجمع بين ما فرق الله من الصلوات الخمس؟ وفي تجويز ذلك تعطيل الكتاب وهدم السنة، وقد قال الله عز وجل: " ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه " (1) المتعدي لحدود الله بإفراقه.
ما تقول يا أبا حنيفة في رجل طلق امرأته على سنة الشيطان، أيجوز له ذلك الطلاق؟ قال أبو حنيفة: خالف السنة وبانت منه امرأته وعصى ربه، قال أبو جعفر:
فهو كما قلنا إذا خالف سنة الله عمل بسنة الشيطان ومن أمضى سنته فهو على ملته ليس له في دين الله نصيب، قال أبو حنيفة: هذا عمر بن الخطاب وهو من أفضل أئمة المسلمين، قال: إن الله جل ثناؤه جعل لكم في الطلاق أناة فاستعجلتموه وأجزنا لكم ما استعجلتموه. (2) قال أبو جعفر: إن عمر كان لا يعرف أحكام الدين، قال أبو حنيفة: وكيف ذلك؟ قال أبو جعفر: ما أقول فيه ما تنكره، أما أول ذلك فإنه قال: لا يصلي الجنب حتى يجد الماء ولو سنة والأمة على خلاف ذلك.
وأتاه أبو كيف العائذي (3) فقال: يا أمير المؤمنين إني غبت فقدمت وقد تزوجت امرأتي؟ فقال: إن كان قد دخل بها فهو أحق بها وإن لم يكن دخل بها فأنت أولى بها وهذا حكم لا يعرف، والأمة على خلافه.
وقضى في رجل غاب عن أهله أربع سنين أنها تتزوج إن شاءت والأمة على خلاف ذلك، إنها لا تتزوج أبدا " حتى تقوم البينة أنه مات أو كفر أو طلقها.