ومنزلتهم عندك وطول طاعتهم إياك لو يعاينون ما يخفى عليهم لا احتقروا أعمالهم ولعلموا انهم لم يعبدوك حق عبادتك فسبحانك خالقا معبودا ومحمودا ونحمدك بحسن بلاءك عند خلقك أنت خلقت ما دبرته مطعما ومشربا ثم أرسلت إلينا داعيا رسولا فلا الداعي أجبنا و لا فيما رغبتنا فيه رغبنا ولا إلى ما شوقتنا إليه اشتقنا اقبلنا كلنا على جيفة نأكل منها ولا نشبع وقد زاد بعضنا على بعض حرصا لما يرى بعضنا من بعض فافتضحنا باكلها واصطلحنا على حبها فأعمت ابصار صالحينا وفقهائنا فهم ينظرون باعين غير صحيحة ويسمعون باذان غير سميعة فحينما زالت زالوا معها وحيثما مالت اقبلوا إليها وقد عاينوا المأخوذين على الغرة كيف فجأتهم الأمور ونزل بهم المحذور وجاءهم من فراق الأحبة ما كانوا يتوقعون وقدموا من الآخرة ما كانوا يوعدون فارقوا الدنيا وصاروا إلى القبور وعرفوا ما كانوا فيه من الغرور فاجتمعت عليهم حسرتان حسرة الفوت وحسرة
(٨٨)