وكل هذه الأبيات تدل على إيمانه رضي الله عنه فمن تأملها، وكل من تفكر فيها علم ما قلناه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: اقبل علي بن أبي طالب ذات يوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) باكيا وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال له رسول الله: مه يا علي فقال ماتت أمي فاطمة فبكى النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: رحم الله أمك يا علي اما إنها ان كانت لك اما فقد كانت لي اما خذ عمامتي هذه وخذ ثوبي هذين فكفنها فيهما، ومر النساء فلتحسن غسلها ولا تخرجها حتى أجئ فإلي أمرها، قال: وأقبل النبي (صلى الله عليه وآله) بعد ساعة وأخرجت فاطمة أم علي " عليه السلام " فصلى عليها النبي صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة، ثم كبر عليها أربعين تكبيرة، ثم دخل القبر فتمدد فيه فلم يسمع له أنين ولا حركة، ثم قال يا علي ادخل يا حسن ادخل، فدخلا القبر، فلما فرغ مما احتاج إليه قال له: يا علي اخرج يا حسن اخرج فخرجا ثم زحف النبي حتى صار عند رأسها، ثم قال يا فاطمة انا محمد سيد ولد آدم ولا فخر فأن أتاك منكر ونكير فسألاك ممن ربك فقولي: الله ربى ومحمد نبي والإسلام ديني والقرآن كتابي وابني امامي ووليي، ثم قال: اللهم ثبت فاطمة بالقول الثابت ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لقد سمعت فاطمة تصفق يميني على شمالي، فقام إليه عمار بن ياسر فقال: فداك أبي وأمي يا رسول الله لقد صليت عليها صلاة لم تصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة، فقال:
يا أبا اليقظان وهل ذلك هي منى لقد كان لها من أبى طالب ولد كثير، ولقد كان خيرهم كثيرا وكان خيرنا قليلا، وكانت تشبعني وتجيعهم وتكسوني وتعريهم، وتدهنني وتشعثهم قال: فلم كبرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله؟ قال: نعم يا عمار التفت إلى يميني ونظرت أربعين صفا من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة، قال فتمددك في القبر ولم يسمع لك أنين ولا حركة؟ قال إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة فلم أزل اطلب إلى ربى ان يبعثها ستيرة، والذي نفسي بيده ما خرجت من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور عند يديها ومصباحين من نور عند رجليها، وملكيها الموكلين بقبرها يستغفران لها إلى أن تقوم الساعة.
وروى في خبر آخر طويل ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال يا عمار ان الملائكة قد ملأت الأفق وفتح لها باب من الجنة ومهد لها مهادا من مهاد الجنة، وبعث إليها بريحان من رياحين