وشبث بن ربعي، دسيسا أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه انك ان قتلت الحسن ابن علي فلك مائتا ألف درهم، وجند من أجناد الشام، وبنت من بناتي. فبلغ الحسن " ع " ذلك فاستلام ولبس درعا وكفرها، وكان يحترز ولا يتقدم للصلاة بهم إلا كذلك، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة فلما صار في مظلم ساباط ضربه أحدهم بخنجر مسموم فعمل فيه الخنجر فأمر (عليه السلام) ان يعدل به إلى بطن جريحي وعليها عم المختار بن أبي عبيد مسعود بن قيلة، فقال المختار لعمه تعالى حتى نأخذ الحسن ونسلمه إلى معاوية فيجعل لنا العراق، فبدر بذلك الشيعة من قول المختار لعمه فهموا بقتل المختار فتلطف عمه لمسألة الشيعة بالعفو عن المختار ففعلوا، فقال الحسن " ع " ويلكم والله ان معاوية لا يفي لاحد منكم بما ضمنه في قتلى وانى أظن انى وان وضعت يدي في يده فأسالمه لم يتركني أدين لدين جدي (صلى الله عليه وآله) وانى أقدر ان أ عبد الله وحدي ولكني كأني أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويستطعمونهم بما جعله الله لهم فلا يسقون ولا يطعمون فبعدا وسحقا لما كسبته أيديكم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب يقلبون) فجعلوا يعتذرون بما لا عذر لهم فيه، فكتب الحسن " ع " من فوره ذلك إلى معاوية.
أما بعد: فان خطبي انتهى إلى اليأس من حق أحييه وباطل اميته وخطبك خطب من انتهى إلى مراده، وإنني اعتزل هذا الامر وأخليه لك وإن كان تخليتي إياه شرا لك في معادك ولي شروط أشرطها لا تبهظنك ان وفيت لي بها بعهد ولا تخف ان غدرت وكتب الشرط في كتاب آخر فيه يمينه بالوفاء وترك الغدر وستندم يا معاوية كما ندم غيرك ممن نهض في الباطل أو قعد عن الحق حين لم ينفع الندم والسلام.
فان قال قائل: من هو النادم الناهض والنادم والقاعد؟ قلنا هذا الزبير ذكره أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما أيقن بخطأ ما أتاه وباطل ما قضاه وبتأويل ما عزاه فرجع عنه القهقرى، ولو وفى بما كان في بيعته لمحا نكثه، ولكنه أبان ظاهرا الندم والسريرة إلى عالمها. وهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب روى أصحاب