الكافي - الشيخ الكليني - ج ٣ - الصفحة ٨٤
فسألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك، فقال: تدع الصلاة قدر إقرائها أو قدر حيضها (1)، وقال: إنما هو عرق (2) وأمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب وتصلي (3).
قال أبو عبد الله (عليه السلام): هذه سنة النبي (صلى الله عليه وآله) في التي تعرف أيام إقرائها لم تختلط عليها ألا ترى أنه لم يسألها كم يوم هي ولم يقل: إذا زادت على كذا يوما فأنت مستحاضة وإنما سن لها أياما معلومة ما كانت من قليل أو كثير بعد أن تعرفها وكذلك أفتى أبي (عليه السلام) وسئل عن المستحاضة فقال: إنما ذلك عرق غابر أو ركضة من الشيطان (4)

(١) حمل على ما إذا لم ينقطع على العشرة. (آت) (٢) " عرق " في بعض النسخ [عزف]. وروى في المشكاة هكذا " كأنما ذلك عرق وليس بحيض " بالعين المهملة والراء المهملة والقاف وقال الطيبي: معناه أن ذلك دم عرق وليس بحيض وقال في شرح المصباح: معناه أن ذلك دم عرق نسق وليس بحيض تميزه القوة المولدة بإذن الله من أجل الجنين وتدفعه إلى الرحم في مجاريه المعتادة ويجتمع فيه ولذلك يسمى حيضا من قولهم:
استحوض الماء أي اجتمع فإذا كثر وأخذه الرحم ولم يكن جنين أو كان أكثر مما يحتمله ينصب عنه (آت). وفى القاموس: عزفت نفسي عنه زهدت فيه وانصرفت عنه. وقال الفيض في الوافي: قال ابن الأثير في نهايته: العزف اللعب بالمعازف وهي الدفوف وغيرها مما يضرب. وقيل: أن كل لعب عزف، وفى حديث ابن عباس كانت الجن تعزف الليل كله بين الصفا والمروة، عزيف الجن جرس أصواتها، وقيل: هو صوت يسمع كالطبل بالليل. وقيل: إنه صوت الرياح في الجو فتوهمه أهل البادية صوت الجن اه‍ أقول: كان المراد أنه لعب الشيطان بها في عبادتها كما يدل عليه قول الباقر (عليه السلام): " عزف عامر " فان عامر اسم الشيطان. انتهى كلامه. أقول: في روايات العامة جميعا في صحاحهم " عرق " - بكسر العين واسكان الراء والقاف - وفسره بعضهم بأن معناه أنه حدث لها بسبب تصدع العروق فاتصل الدم وليس ما تراه دم الحيض الذي يقذفه الرحم لميقاب معلوم.
(٣) قوله: تغتسل " أي غسل الانقطاع: وفى الصحاح: استثفر الرجل بثوبه إذا ترد طرفه بين رجليه إلى جحزته. (آت) (٤) " عرق غابر " في بعض النسخ [عرق غابر] وفى بعضها [عزف غابر] وفى الوافي " عزف عامر " وفى الصحاح: غبر الجرح - بالكسر - غبرا: اندمل على فساد ثم ينتفض بعد ذلك ومنه سمى العرق الغبر - بكسر الباء - لأنه لا يزال ينتفض. وقال في الصحاح أيضا: في حديث الاستحاضة " إنما هي ركضة من الشيطان " يريد الدفعة. وقال في المغرب قوله في الاستحاضة: " إنما هي ركضة من ركضات الشيطان " فإنما جعلها كذلك لأنه آفة وعارض والضرب والايلام من أسباب ذلك اه‍.
وفى النهاية: في حديث المستحاضة " إنما هي ركضة من الشيطان " أصل الركض الضرب بالرجل والإصابة بها كما تركض الدابة وتصاب بالرجل، أراد الاضرار بها والأذى، المعنى أن الشيطان قد وجد بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها ذلك عادتها وصار في التقدير كأنه ركضة بآلة من ركضاته. انتهى.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست