فلهذا احتاجت إلى أن تعرف إقبال الدم من إدباره (1) وتغير لونه من السواد إلى غيره وذلك أن دم الحيض أسود يعرف ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم لان السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضا كله إن كان الدم أسودا وغير ذلك فهذا يبين لك أن قليل الدم وكثيره أيام الحيض حيض كله إذا كانت الأيام معلومة فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم وإدباره وتغير لونه ثم تدع الصلاة على قدر ذلك ولا أرى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: اجلسي كذا وكذا يوما فما زادت فأنت مستحاضة. كما لم تؤمر الأولى بذلك وكذلك أبي (عليه السلام) أفتى في مثل هذا، وذاك أن امرأة من أهلنا استحاضت فسألت أبي (عليه السلام) عن ذلك، فقال: " إذا رأيت الدم البحراني (2) فدعي الصلاة وإذا رأيت الطهر ولو ساعة من نهار فاغتسلي وصلي " قال أبو عبد الله (عليه السلام): وأرى جواب أبي (عليه السلام) ههنا غير جوابه في المستحاضة الأولى، ألا ترى أنه قال: " تدع الصلاة أيام إقرائها " لأنه نظر إلى عدد الأيام وقال: ههنا إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة وأمر ههنا أن تنظر إلى الدم إذا أقبل وأدبر و تغير. وقوله: " البحراني " شبه معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): " أن دم الحيض أسود يعرف " وإنما سماه أبي بحرانيا لكثرته ولونه، فهذا سنة النبي (صلى الله عليه وآله) في التي اختلط عليها أيامها حتى لا تعرفها وإنما تعرفها بالدم ما كان من قليل الأيام وكثيره.
قال: وأما السنة الثالثة فهي التي ليس لها أيام متقدمة ولم تر الدم قط ورأت أول ما أدركت واستمر بها فإن سنة هذه غير سنة الأولى والثانية، وذلك أن امرأة يقال لها: حمنة بنت جحش (3) أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: إني استحضت