هو مسكوت عنه في هذا الخبر، ولكن بيانه في سائر الأخبار التي فيها نص على خروج وقت كل صلاة، والضرورة توجب أن من تعدي بكل عمل وقته الذي حده الله تعالى لذلك العمل فقد تعدي حدود الله، وقال تعالى:
(ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) * فكل من قدم صلاة قبل وقتها الذي حده الله تعالى لها وعلقها به وأمر بان تقام فيه ونهى عن التفريط في ذلك، أو أخرها عن ذلك الوقت: فقد تعدى حدود الله تعالى، فهو ظالم عاص، وهذا لا خلاف فيه من أحد من الحاضرين من المخالفين * وأما تعمد تأخيرها عن وقتها فمعصية باجماع من تقدم وتأخر، مقطوع عليه متيقن. ومن شبه الصلاة بالدين، لزمه إجازة تقديمها قبل وقتها، كالدين يقدم أجله فهو حسن، ولزمه أن يقول بعصيان من أخرها عامدا قادرا عن وقتها، كالدين يمطل بأدائه عن وقته بغير عذر، وهذا هو القياس في هذا الباب وقد خالفوه. فان ادعوا إجماعا على قولهم كذبوا، فقد صح عن بعض السلف جواز تقديم الصلاة قبل وقتها، وما جاز قط عند أحد تعمد تأخيرها عن وقتها بغير عذر. وبالله تعالى التوفيق * وأما إنكار أبي حنيفة تأخير المسافر الذي جد به السير ولم ينزل قبل الزوال ولا بعده صلاة الظهر إلى وقت العصر كغيره وتأخير المغرب كذلك إلى وقت العتمة كغيره: فهو خلاف مجرد للسنن الثابتة في ذلك. رواها أنس وابن عمر بأصح طريق، وقد ذكرنا رواية أنس، وغنينا بها عن ذكر رواية ابن عمر * ولا أعجب من قول بعض المقلدين له في حديث ابن عمر (فلما كان بعد غروب الشفق نزل فصلى المغرب ثم العتمة) فقال هذا المفتون: إنما أراد قبل غروب الشفق، فقال: بعد غروب الشفق على المقاربة! واحتج