فقد جعل المشروط أجرة لعمله فيستحقه بهذا الطريق وان وجد في أرض مملوكة يجب فيه الخمس بلا خلاف لما روينا من الحديث ولأنه مال الكفرة استولى عليه على طريق القهر فيخمس واختلف في الأربعة الأخماس قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله هي لصاحب الخطة إن كان حيا وإن كان ميتا فلورثته ان عرفوا وإن كان لا يعرف صاحب الخطة ولا ورثته تكون لاقصى مالك للأرض أو لورثته وقال أبو يوسف أربعة أخماسه للواجد وجه قوله إن هذا غنيمة ما وصلت إليها يد الغانمين وإنما وصلت إليه يد الواجد لا غير فيكون غنيمة يوجب الخمس واختصاصه باثبات اليد عليه يوجب اختصاصه به وهو تفسير الملك كما لو وجده في أرض غير مملوكة ولهما ان صاحب الخطة ملك الأرض بما فيها لأنه إنما ملكها بتمليك الامام والامام إنما ملك الأرض بما وجد منه ومن سائر الغانمين من الاستيلاء والاستيلاء كما ورد على ظاهر الأرض ورد على ما فيها فملك ما فيها وبالبيع لا يزول ما فيها لان البيع يوجب زوال ما ورد عليه البيع والبيع ورد على ظاهر الأرض لا على ما فيها وإذا لم يكن ما فيها تبعا لها فبقي على ملك صاحب الخطة وكان أربعة أخماسه له وصار هذا كمن اصطاد سمكة كانت ابتلعت لؤلؤة أو اصطاد طائرا كان قد ابتلع جوهرة انه يملك الكل ولو باع السمكة أو الطائر لا تزول اللؤلؤة والجوهرة عن ملكه لورود العقد على السمكة والطير دون اللؤلؤة والجوهرة كذا هذا فان قيل كيف يملك صاحب الخطة ما في الأرض بتمليك الامام إياه الأرض والامام لو فعل ذلك لكان جورا في القسمة والامام لا يملك الجور في القسمة فثبت ان الامام ما ملكه الا الأرض فبقي الكنز غير مملوك لصاحب الخطة فالجواب عنه من وجهين أحدهما ان الامام ما ملكه الا رقبة الأرض على ما ذكرتم لكنه لما ملك الأرض بتمليك الامام فقد تفرد بالاستيلاء على ما في الأرض وقد خرج الجواب عن وجوب الخمس لأنه ما ملك ما في الأرض بتمليك الامام حتى يسقط الخمس وإنما ملكه بتفرده بالاستيلاء عليه فيجب عليه الخمس كما لو وجده في أرض غير مملوكة والثاني ان مراعاة المساواة في هذه الجهة في القسمة مما يتعذر فيسقط اعتبارها دفعا للحرج هذا إذا وجد الكنز في دار الاسلام فاما إذا وجده في دار الحرب فان وجده في أرض ليست بمملوكة لاحد فهو للواجد ولا خمس فيه لأنه مال أخذه لا على طريق القهر والغلبة لانعدام غلبة أهل الاسلام على ذلك الموضع فلم يكن غنيمة فلا خمس فيه ويكون الكل له لأنه مباح استولى عليه بنفسه فيملكه كالحطب والحشيش وسواء دخل بأمان أو بغير أمان لان حكم الأمان يظهر في المملوك لا في المباح وان وجده في أرض مملوكة لبعضهم فإن كان دخل بأمان رده إلى صاحب الأرض لأنه إذا دخل بأمان لا يحل له أن يأخذ شيئا من أموالهم بغير رضاهم لما في ذلك من الغدر والخيانة في الأمانة فإن لم يرده إلى صاحب الأرض يصير ملكا له لكن لا يطيب له لتمكن خبث الخيانة فيه فسبيله التصدق به فلو باعه يجوز بيعه لقيام الملك لكن لا يطيب للمشترى بخلاف بيع المشترى شراء فاسدا والفرق بينهما يذكر في كتاب البيوع إن شاء الله تعالى وإن كان دخل بغير أمان حل له ولا خمس فيه أما الحل فلان له أن يأخذ ما ظفر به من أموالهم من غير رضاهم وأما عدم وجوب الخمس فلانه غير مأخوذ على سبيل القهر والغلبة فلم يكن غنيمة فلا يجب فيه الخمس حتى لو دخل جماعة ممتنعون في دار الحرب فظفروا بشئ من كنوزهم يجب فيه الخمس ولكونه غنيمة لحصول الاخذ على طريق القهر والغلبة وان وجده في أرض مملوكة لاحد أو في دار نفسه ففيه الخمس بلا خلاف بخلاف المعدن عند أبي حنيفة لان الكنز ليس من أجزاء الأرض ولهذا لم تكن أربعة أخماسه لمالك الرقبة بالاجماع فلو وجد فيه المؤنة وهو الخمس لم يصر الجزء مخالفا للكل بخلاف المعدن على ما نذكر وأما أربعة أخماسه فقد اختلف أصحابنا في ذلك عند أبي حنيفة ومحمد هي للمختط له وعند أبي يوسف للواجد لأنه مباح سبقت يده إليه ولهما ان هذا مال مباح سبقت إليه يد الخصوص وهي يد المختط يصير ملكا له كالمعدن الا ان المعدن انتقل بالبيع إلى المشترى لأنه من أجزاء الأرض والكنز لم ينتقل إليه لأنه ليس من أجزاء المبيع والتمليك فان استولى عليه بالاستيلاء فيبقى على ملكه كمن اصطاد سمكة في بطنها درة ملك السمكة والدرة لثبوت اليد عليهما فلو باع السمكة بعد ذلك لم تدخل الدرة في البيع كذا ههنا والمختط له من
(٦٦)