الوديعة إلى المودع والبراءة ليست بعلامة صادقة لان الخط يشبه الخط وعلى هذا إذا أتى بالبراءة على خلاف اسم ذلك المصدق انه يقبل قوله مع يمينه على جواب ظاهر الرواية لان البراءة ليست بشرط فكان الاتيان بها والعدم بمنزلة واحدة وعلى رواية الحسن لا يقبل لان البراءة شرط فلا تقبل بدونها ولو قال أديت زكاتها إلى الفقراء لا يصدق وتؤخذ منه عندنا وعند الشافعي لا تؤخذ وجه قوله إن المصدق لا يأخذ الصدقة لنفسه بل ليوصلها إلى مستحقيها وهو الفقير وقد أوصل بنفسه ولنا ان حق الاخذ للسلطان فهو بقوله أديت بنفسي أراد ابطال حق السلطان فلا يملك ذلك وكذلك العشر على هذا الخلاف وكذا الجواب فيمن مر على العاشر بالسوائم أو بالدراهم أو الدنانير أو بأموال التجارة في جميع ما وصفنا الا في قوله أديت زكاتها بنفسي إلى الفقراء فيما سوى السوائم انه يقبل قوله ولا يؤخذ ثانيا لان أداء زكاة الأموال الباطنة مفوض إلى أربابها إذا كانوا يتجرون بها في المصر فلم يتضمن الدفع بنفسه ابطال حق أحد ولو مر على العاشر بمائة درهم وأخبر العاشر ان له مائة أخرى قد حال عليها الحول لم يأخذ منه زكاة هذه المائة التي مر بها لان حق الاخذ لمكان الحماية وما دون النصاب قليل لا يحتاج إلى الحماية والقدر الذي في بيته لم يدخل تحت الحماية فلا يؤخذ من أحدهما شئ ولو مر عليه بالعروض فقال هذه ليست للتجارة أو قال هذه بضاعة أو قال أنا أجير فيها فالقول قوله مع اليمين لأنه أمين ولم يوجد ظاهر يكذبه وجميع ما ذكرنا انه يصدق فيه المسلم يصدق فيه الذمي لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا قبلوا عقد الذمة فأعلمهم ان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ولان الذمي لا يفارق المسلم في هذا الباب الا في قدر المأخوذ وهو انه يؤخذ منه ضعف ما يؤخذ من المسلم كما في التغلبي لأنه يؤخذ منه بسبب الحماية وباسم الصدقة وان لم تكن صدقة حقيقة ولا يصدق الحربي في شئ من ذلك ويؤخذ منه العشر الا في جوار يقول هن أمهات أولادي أو في غلمان يقول هم أولادي لان الاخذ منه لمكان الحماية والعصمة لما في يده وقد وجدت فلا يمنع شئ من ذلك من الاخذ وإنما قبل قوله في الاستيلاد والنسب لان الاستيلاد والنسب كما يثبت في دار الاسلام يثبت في دار الحرب وعلل محمد رحمه الله فقال الحربي لا يخلو اما أن يكون صادقا واما أن يكون كاذبا فإن كان صادقا فقد صدق وإن كان كاذبا فقد صارت باقراره في الحال أم ولد له ولا عشر في أم الولد ولو قال هم مدبرون لا يلتفت إلى قوله لان التدبير لا يصح في دار الحرب ولو مر على عاشر بمال وقال هو عندي بضاعة أو قال أنا أجير فيه فالقول قوله ولا يعشره ولو قال هو عندي مضاربة فالقول قوله أيضا وهل يعشره كان أبو حنيفة أولا يقول يعشره ثم رجع وقال لا يعشره وهو قول أبى يوسف ومحمد ولو مر العبد المأذون بمال من كسبه وتجارته وليس عليه دين واستجمع شرائط وجوب الزكاة فيه فإن كان معه مولاه عشره بالاجماع وان لم يكن معه مولاه فكذلك يعشره في قول أبي حنيفة وفى قولهما لا يعشره وقال أبو يوسف لا أعلم أنه رجع في العبد أم لا وقيل إن الصحيح ان رجوعه في المضارب رجوع في العبد المأذون وجه قوله الأول في المضارب ان المضارب بمنزلة المالك لأنه يملك التصرف في المال ولهذا يجوز بيعه من رب المال وجه قوله الأخير وهو قولهما ان الملك شرط الوجوب ولا ملك له فيه ورب المال لم يأمره بأداء الزكاة لأنه لم يأذن له بعقد المضاربة الا بالتصرف في المال وقد خرج الجواب عن قوله إنه بمنزلة المالك لأنا نقول نعم لكن في ولاية التصرف في المال لا في أداء الزكاة كالمستبضع والعبد المأذون في معنى المضارب في هذا المعنى ولأنه لم يؤمر الا بالتصرف فكان الصحيح هو الرجوع ولا يؤخذ من المسلم إذا مر على العاشر في السنة الا مرة واحدة لان المأخوذ منه زكاة والزكاة لا تجب في السنة الا مرة واحدة وكذلك الذمي لأنه بقبول عقد الذمة صار له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين ولان العاشر يأخذ منه باسم الصدقة وان لم تكن صدقة حقيقة كالتغلبي فلا يؤخذ منه في الحول الا مرة واحدة وكذلك الحربي الا إذا عشره فرجع إلى دار الحرب ثم خرج انه يعشره ثانيا وان خرج من يومه ذلك لان الاخذ من أهل الحرب لمكان حماية ما في أيديهم من الأموال وما دام هو في دار الاسلام فالحماية متحدة ما دام الحول باقيا فيتحد حق الاخذ وعند دخوله دار الحرب ورجوعه إلى دار الاسلام تتجدد الحماية فيتجدد حق الاخذ وإذا مر الحربي على العاشر فلم يعلم حتى عاد إلى دار الحرب ثم رجع ثانيا
(٣٧)