فحلق أو قصر فلا دم عليه لوجود الشرط على قول من يجعل المكان شرطا * (فصل) * وأما حكم الحلق فحكمه حصول التحلل وهو صيرورته حلا لا يباح له جميع ما حظر عليه الاحرام الا النساء وهذا قول أصحابنا وقال مالك الا النساء والطيب وقال الليث الا النساء والصيد وقال الشافعي يحل له بالحلق الوطئ فيما دون الفرج والمباشرة احتج مالك بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا حلقتم فقد حل لكم كل شئ الا النساء والطيب والصحيح قولنا لما روى عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من رمى ثم ذبح ثم حلق فقد حل له كل شئ الا النساء والحديث حجة على الكل لان النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه حل له كل شئ واستثنى النساء فبقي الطيب والصيد داخلين تحت نص المستثنى منه وهو احلال ما سوى النساء وخرج الوطئ فيما دون الفرج والمباشرة عن الاحلال بنص الاستثناء وأما حديث عمر فقد قيل إنه لما بلغ عائشة رضى الله تعالى عنها قالت يغفر الله لهذا الشيخ لقد طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلق * (فصل) * وأما حكم تأخيره عن زمانه ومكانه فوجوب الدم عن أبي حنيفة وأبو يوسف خالفه في الزمان والمكان ومحمد وافقه في المكان لا في الزمان وزفر وافقه في الزمان لا في المكان على ما ذكرنا والله أعلم * (فصل) * وأما طواف الصدر فالكلام فيه يقع في مواضع في بيان وجوبه وفي بيان شرائطه وفي بيان قدره وكيفيته وما يسن له أن يفعله بعد فراغه منه وفي بيان وقته وفي بيان مكانه وحكمه إذا نفر ولم يطف أما الأول فطواف الصدر واجب عندنا وقال الشافعي سنة وجه قوله مبنى على أنه لا يفرق بين الفرض والواجب وليس بفرض بالاجماع فلا يكون واجبا لكنه سنة لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه على المواظبة وانه دليل السنة ثم دليل عدم الوجوب انا أجمعنا على أنه لا يجب على الحائض والنفساء ولو كان واجبا لوجب عليهما كطواف الزيارة ونحن نفرق بين الفرض والواجب على ما عرف ودليل الوجوب ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من حج هذا البيت فليكن آخر عهده به الطواف ومطلق الامر لوجوب العمل الا أن الحائض خصت عن هذا العموم بدليل وهو ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للنساء الحيض ترك طواف الصدر لعذر الحيض ولم يأمرهن بإقامة شئ آخر مقامه وهو الدم وهذا أصل عندنا في كل نسك جاز تركه لعذر انه لا يجب بتركه من المعذور كفارة والله أعلم * (فصل) * وأما شرائطه فبعضها شرائط الوجوب وبعضها شرائط الجواز أما شرائط الوجوب فمنها أن يكون من أهل الآفاق فليس على أهل مكة ولا من كان منزله داخل المواقيت إلى مكة طواف الصدر إذا حجوا لان هذا الطواف إنما وجب توديعا للبيت ولهذا يسمى طواف الوداع ويسمى طواف الصدر لوجوده عند صدور الحجاج ورجوعهم إلى وطنهم وهذا لا يوجد في أهل مكة لأنهم في وطنهم وأهل داخل المواقيت في حكم أهل مكة فلا يجب عليهم كما لا يجب على أهل مكة وقال أبو يوسف أحب إلي أن يطوف المكي طواف الصدر لأنه وضع لختم أفعال الحج وهذا المعنى يوجد في أهل مكة ولو نوى الآفاقي الإقامة بمكة أبدا بان توطن بها واتخذها دارا فهذا لا يخلو من أحد وجهين اما ان نوى الإقامة بها قبل إن يحل النفر الأول واما ان نوى بعد ما حل النفر الأول فان نوى الإقامة قبل إن يحل النفر الأول سقط عنه طواف الصدر أي لا يجب عليه بالاجماع وان نوى بعدما حل النفر الأول لا يسقط وعليه طواف الصدر في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف يسقط عنه الا إذا كان شرع فيه ووجه قوله إن ه لما نوى الإقامة صار كواحد من أهل مكة وليس على أهل مكة طواف الصدر الا إذا شرع فيه لأنه وجب عليه بالشروع فلا يجوز له تركه بل يجب عليه المضي فيه ووجه قول أبي حنيفة انه إذا حل له النفر فقد وجب عليه الطواف لدخول وقته الا انه مرتب على طواف الزيارة كالوتر مع العشاء فنية الإقامة بعد ذلك لا تعمل كما إذا نوى الإقامة بعد خروج وقت الصلاة ومنها الطهارة من الحيض والنفاس فلا يجب على الحائض والنفساء حتى لا يجب عليهما الدم بالترك لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للحيض ترك هذا الطواف
(١٤٢)