على رمى كامل وكذا الثالث وان استقبل رميها فهو أفضل ليكون الرمي في الثلاث البواقي على الوجه المسنون وهو الترتيب ولو نقص حصاة لا يدرى من أيتهن نقصها أعاد على كل واحدة منهن حصاة اسقاطا للواجب عن نفسه بيقين كمن ترك صلاة واحدة من الصلوات الخمس لا يدرى أيتها هي أنه يعيد خمس صلوات ليخرج عن العهدة بيقين كذا هذا والله أعلم * (فصل) * وأما الحلق أو التقصير فالكلام فيه يقع في وجوبه وفي بيان مقدار الواجب وفي بيان زمانه ومكانه وفي بيان حكمه إذا وجد وفي بيان حكم تأخره عن وقته وفعله في غير مكانه اما الأول فالحلق أو التقصير واجب عندنا إذا كان على رأسه شعر لا يتحلل بدونه وعند الشافعي ليس بواجب ويتحلل من الحج بالرمي ومن العمرة بالسعي احتج بما روى عن ابن عمر رضي الله عنه ان عمر رضي الله عنه خطب سفية وعلمهم أمر الحج فقال لهم إذا جئتم منى فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج الا النساء والطيب حتى يطوف بالبيت ولنا قوله تعالى ثم ليقضوا تفثهم وروى عن ابن عمر رضي الله عنه ان التفث حلاق الشعر ولبس الثياب وما يتبع ذلك وهو قول أهل التأويل انه حلق الرأس وقص الأظافير والشارب ولان التفث في اللغة الوسخ يقال امرأة تفثة إذا كانت خبيثة الرائحة وقوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين قيل في بعض وجوه التأويل ان قوله لتدخلن خبر بصيغته ومعناه الامر أي ادخلوا المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين فيقتضى وجوب الدخول بصفة الحلق أو التقصير لان مطلق الامر لوجوب العمل والاستثناء على هذا التأويل يرجع إلى قوله آمنين أي إن شاء الله ان تأمنوا تدخلوا وان شاء لا تأمنوا لا تدخلونه وإن كانت الآية على الاخبار والوعد على ما يقتضيه ظاهر الصيغة فلابد وأن يكون المخبر به على ما أخبر وهو دخولهم محلقين ومقصرين وذلك متعلق باختيارهم وقد يوجد وقد لا يوجد فلا بد من الدخول ليكون الوجوب حاملا لهم على التحصيل فيوجد المخبر به ظاهرا وغالبا فالاستثناء على هذا التأويل يكون على طريق التيمن والتبرك باسم الله تعالى أو يرجع إلى دخول بعضهم دون بعض لجواز ان يموت البعض أو يمنع بمانع فيحمل عليه لئلا يؤدى إلى الخلف في الخبر وقوله محلقين رؤوسكم ومقصرين أي بعضكم محلقين وبعضكم مقصرين لاجماعنا على أنه لا يجمع بين الحلق والتقصير فدل أن الحلق أو التقصير واجب لكن الحلق أفضل لأنه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة واحدة فقال اللهم اغفر للمحلقين فقيل له والمقصرين فقال اللهم اغفر للمحلقين فقيل له والمقصرين فقال اللهم اغفر للمحلقين والمقصرين ولان في الحلق تقصير أو زيادة ولا حلق في التقصير أصلا فكان الحلق أفضل وأما حديث عمر رضي الله عنه فيضمر فيه الحلق أو التقصير معناه فمن رمى الجمرة وحلق أو قصر فقد حل ويجب حمله على هذا ليكون موافقا للكتاب هذا إذا كان على رأسه شعر فاما إذا لم يكن أجرى الموسى على رأسه لما روى عن ابن عمر أنه قال من جاءه يوم النحر ولم يكن على رأسه شعر أجرى الموسى على رأسه والقدوري رواه مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه إذا عجزوا عن تحقيق الحلق فلم يعجز عن التشبه بالحالقين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم فان حلق رأسه بالنورة أجزأه والموسى أفضل اما الجواز فلحصول المقصود وهو ازلة الشعر وأما أفضلية الحلق بالموسى فلقوله تعالى محلقين رؤوسكم واصلاق اسم الحلق يقع على الحلق بالموسى وكذا النبي صلى الله عليه وسلم حلق بالموسى وكان يختار من الاعمال أفضلها وهذا إذا لم يكن محصرا فاما المحصر فلا حلق عليه في قول أبي حنيفة ومحمد وفى قول أبى يوسف عليه الحلق وسنذكر المسألة إن شاء الله تعالى في بيان أحكام الاحصار ولو وجب عليه الحلق أو التقصير فغسل رأسه بالخطمى مقام الحلق لا يقوم مقامه وعليه الدم لغسل رأسه بالخطمى في قول أبي حنيفة وفى قول أبى يوسف ومحمد لا دم عليه ذكر الطحاوي الخلاف وقال الجصاص لا أعرف فيه خلافا والصحيح انه يلزمه الدم لان الحلق أو التقصير واجب لما ذكرنا فلا يقع التحلل الا بأحدهما ولم
(١٤٠)