قتله سبع لانعدام تحقق الظلم ومنها ان لا يخلف عن نفسه بدلا هو مال حتى لو كان مقتولا خطأ أو شبه عمد بان قتله في المصر نهارا بعصا صغيرة أو سوط أو وكزه باليد أو لكزه بالرجل لا يكون شهيدا لان الواجب في هذه المواضع هو المال دون القصاص وذا دليل خفة الجناية فلم يكن في معنى شهداء أحد ولان غير السلاح مما يلبث فكان بحال لو استغاث لحقه الغوث فإذا لم يستغث جعل كأنه أعان على قتل نفسه بخلاف ما إذا قتل في المفازة بغير السلاح لان ذلك يوجب القتل بحكم قطع الطريق لا المال ولأنه لو استغاث لا يلحقه الغوث فلم يصر بترك الاستغاثة معينا على قتل نفسه وكذلك إذا قتله بعصا كبيرة أو بمدقة القصارين أو بحجر كبير أو بخشبة عظيمة أو خنقه أو غرقه في الماء أو ألقاه من شاهق الجبل عند أبي حنيفة لان هذا كله شبه عمد عنده فكان الواجب فيه الدية دون القصاص وعند أبي يوسف ومحمد الواجب هو القصاص فكان المقتول شهيدا ولو نزل عليه اللصوص ليلا في المصر فقتل بسلاح أو غيره أو قتله قطاع الطريق خارج المصر بسلاح أو غيره فهو شهيد لان القتيل لم يخلف في هذه المواضع بدلا هو مال ولو قتل في المصر نهارا بسلاح ظلما بان قتل بحديدة أو ما يشبه الحديدة كالنحاس والصفر وما أشبه ذلك أو ما يعمل عمل الحديد من جرح أو قطع أو طعن بأن قتله بزجاجة أو بليطة قصب أو طعنه برمح لازج له أو رماه بنشابة لا نصل لها أو أحرقه بالنار وفى الجملة كل قتل يتعلق به وجوب القصاص فالقتيل شهيد وقال الشافعي لا يكون شهيدا واحتج بما روى أن عمر وعليا غسلا ولان هذا قتيل أخلف بدلا وهو المال أو القصاص فما هو في معنى شهداء أحد كالقتل خطأ أو شبه عمد ولنا أن وجوب هذا البدل دليل انعدام الشبهة وتحقق الظلم من جميع الوجوه إذ لا يجب القصاص مع الشبهة فصار في معنى شهداء أحد بخلاف ما إذا اخلف بدلا هو مال لان ذلك امارة خفة الجناية لان المال لا يجب الا عند تحقق الشبهة في القتل فلم يكن في معنى شهداء أحد ولان الدية بدل عن المقتول فإذا وصل إليه البدل صار المبدل كالباقي من وجه لبقاء بدله فأوجب خللا في الشهادة فاما القصاص فليس ببدل عن المحل بل هو جزاء الفعل على طريق المساواة فلا يسقط به حكم الشهادة وإنما غسل عمر وعلي رضي الله عنه ما لأنهما ارتثا والارتثاث يمنع الشهادة على ما نذكر ولو وجد قتيل في محلة أو موضع يجب فيه القسامة والدية لم يكن شهيدا لما قلنا ولو وجب القصاص ثم انقلب مالا بالصلح لا تبطل شهادته لأنه لم يتبين انه أخلف بدلا هو مال وكذا الأب إذا قتل ابنه عمدا كان شهيدا لأنه أخلف القصاص ثم انقلب مالا وفائدة الوجوب شهادة المقتول ومنها ان لا يكون مرتثا في شهادته وهو ان لا يخلق شهادته مأخوذ من الثوب الرث وهو الخلق والأصل فيه ما روى أن عمر لما طعن حمل إلى بيته فعاش يومين ثم مات فغسل وكان شهيدا وكذا على حمل حيا بعد ما طعن ثم مات فغسل وكان شهيدا وعثمان أجهز عليه في مصرعه ولم يرتث فلم يغسل وسعد بن معاذ ارتث فقال النبي صلى الله عليه وسلم بادروا إلى غسل صاحبكم سعد كيلا تسبقنا الملائكة بغسله كما سبقتنا بغسل حنظلة ولان شهداء أحد ماتوا على مصارعهم ولم يرتثوا حتى روى أن الكاس كان يدار عليهم فلم يشربوا خوفا من نقصان الشهادة فإذا ارتث لم يكن في معنى شهداء أحد وهذا لأنه لما ارتث ونقل من مكانه يزيده النقل ضعفا ويوجب حدوث آلام لم تحدث لولا النقل والموت يحصل عقيب ترادف الآلام فيصير النفل مشاركا للجراحة في إثارة الموت ولو تم الموت بالنقل لسقط الغسل ولو تم بايلام سوى الجرح لا يسقط فلا يسقط بالشك ولان القتل لم يتمحض بالجرح بل حصل به وبغيره وهو النقل والجرح محظور والنقل مباح فلم يمت بسبب تمحض حراما فلم يصر في معنى شهداء أحد ثم المرتث من خرج عن صفة القتلى وصار إلي حال الدنيا بان جرى عليه شئ من أحكامها أو وصل إليه شئ من منافعها وإذا عرف هذا فنقول من حمل من المعركة حيا ثم مات في بيته أو على أيدي الرجال فهو مرتث وكذلك إذا أكل أو شرب أو باع أو ابتاع أو تكلم بكلام طويل أو قام من مكانه ذلك أو تحول من مكانه إلى مكان آخر وبقى على مكانه ذلك حيا يوما كاملا أو ليلة كاملة وهو يعقل فهو مرتث وروى عن أبي يوسف إذا بقي وقت صلاة كامل حتى صارت الصلاة دينا في ذمته وهو يعقل فهو مرتث وان بقي في مكانه لا يعقل فليس بمرتث وقال محمد ان بقي يوما فهو مرتث ولو أوصى
(٣٢١)