لان صيانة القراءة عن ذلك واجبة وذلك في الصلاة المؤداة على طريق الاشتهار وهي الصلاة بجماعة فاما صلاة المنفرد فما كان يوجد فيها المغالبة فلم تكن الصيانة بالمخافتة واجبة فلم يترك الواجب فلا يلزمه سجود السهو ولو أراد أن يقرأ سورة فأخطأ وقرأ غيرها لا سهو عليه لانعدام سبب الوجوب وهو تغيير فرض أو واجب أو تركه إذ لا توقيت في القراءة وروى عن محمد أنه قال فيمن قرأ الحمد مرتين في الأوليين فعليه السهو لأنه أخر السورة بتكرار الفاتحة ولو قرأ الحمد ثم السورة ثم الحمد لا سهو عليه وصار كأنه قرأ سورة طويلة ولو تشهد مرتين لا سهو عليه ولو قرأ القرآن في ركوعه أو في سجوده أو في قيامه لا سهو عليه لأنه ثناء وهذه الأركان مواضع الثناء (وأما) القنوت فتركه سهوا يوجب سجود السهو لأنه واجب لما نذكر في موضعه إن شاء الله تعالى وكذلك تكبيرات العيدين إذا تركها أو نقص منها لأنها واجبة وكذا إذا زاد عليها أو أتى في غير موضعها لأنه يحصل تغيير فرض أو واجب وكذلك قراءة التشهد إذا سها عنها في القعدة الأخيرة ثم تذكرها قبل السلام أو بعد ما سلم ساهيا قرأها وسلم وسجد للسهو لأنها واجبة وأما في القعدة الأولى فكذلك استحسانا والقياس في هذا وقنوت الوتر وتكبيرات العيدين سواء ولا سهو عليه لأن هذه الأذكار سنة ولا يتمكن بتركها كبير نقصان في الصلاة فلا يوجب السهو كما إذا ترك الثناء والتعوذ وجه الاستحسان ان هذه الأذكار واجبة أما وجوب القنوت وتكبيرات العيدين فلما يذكر في موضعه وأما وجوب التشهد في القعدة الأولى فلمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على قراءته ومواظبة الصحابة رضي الله عنهم وأما سائر الأذكار من الثناء والتعوذ وتكبيرات الركوع والسجود وتسبيحاتهما فلا سهو فيها عند عامة العلماء وقال مالك إذا سها عن ثلاث تكبيرات فعليه السهو قياسا على تكبيرات العيدين وهذا القياس عندنا غير سديد لان تكبيرات العيد واجبة لما يذكر فجاز أن يتعلق بها السهو بخلاف تكبيرات الركوع والسجود فإنها من السنن ونقصان السنة لا يجبر بسجود السهو لان سجود السهو واجب ولا يجب جبر الشئ بما هو فوق الفائت بخلاف الواجب لان الشئ ينجبر بمثله ولهذا لا يتعلق السهو بترك الواجب عمدا لان النقص المتمكن بترك الواجب عمدا فوق النقص المتمكن بتركه سهوا والشرع لما جعل السجود جابرا لما فات سهوا كان مثلا للفائت سهوا وإذا كان مثلا للفائت سهوا كان دون ما فات عمدا والشئ لا ينجبر بما هو دونه ولهذا لا ينجبر به النقص المتمكن بفوات الفرض ولو سلم عن يساره قبل سلامه عن يمينه فلا سهو عليه لان الترتيب في السلام من باب السنن فلا يتعلق به سجود السهو ولو نسي التكبير في أيام التشريق لا سهو عليه لأنه لم يترك واجبا من واجبات الصلاة ولو سها في صلاته مرارا لا يجب عليه الا سجدتان وعند بعضهم يلزمه لكل سهو سجدتان لقوله صلى الله عليه وسلم لكل سهو سجدتان بعد السلام ولان كل سهو أوجب نقصانا فيستدعى جابرا (ولنا) ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سجدتان تجزيان لكل زيادة ونقصان وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القعدة الأولى وسجد لها سجدتين وكان سها عن القعدة وعن التشهد حيث تركهما وعن القيام حيث أتى به في غير محله ثم لم يزد على سجدتين فعلم أن السجدتين كافيتان ولان سجود السهو إنما أخر عن محل النقصان إلى آخر الصلاة لئلا يحتاج إلى تكراره لو وقع السهو بعد ذلك والا لم يكن للتأخير معنى والحديث محمول على جنس السهو الموجود في صلاة واحدة لا انه عين السهو بدليل ما ذكرنا * (فصل) * وأما بيان المتروك ساهيا هل يقضى أم لا فنقول وبالله التوفيق ان المتروك الذي يتعلق به سجود السهو من الفرائض والواجبات لا يخلو اما إن كان من الافعال أو من الأذكار ومن أي القسمين كان وجب أن يقضى ان أمكن التدارك بالقضاء وان لم يمكن فإن كان المتروك فرضا تفسد الصلاة وإن كان واجبا لا تفسد ولكن تنتقص وتدخل في حد الكراهة وبيان هذه الجملة أما الافعال فإذا ترك سجدة صلبية من ركعة ثم تذكرها آخر الصلاة قضاها وتمت صلاته عندنا وقال الشافعي يقضيها ويقضى ما بعدها وجه قوله إن ما صلى بعد المتروك حصل قبل
(١٦٧)