والآخر النصرانية جعل التوارث بينهما بالأبوة والأمومة والاخوة مع اختلاف الدين. أما الحربي وغيره كذمي ومعاهد فلا توارث بين الحربي وغيره لانقطاع الموالاة بينهما. والثامن إيهام وقت الموت، فلو مات متوارثان بغرق أو حرق أو هدم أو في بلاد غربة معا أو جهل أسبقهما أو علم سبق وجهل لم يرث أحدهما من الآخر شيئا لأن من شرط الإرث كما مر تحقيق حياة الوارث بعد موت المورث، وهو هنا منتف. والجهل بالسبق صادق بأن يعلم أصل السبق ولا يعلم عين السابق وبأن لا يعلم بسبق أصلا. وصور المسألة خمس: العلم بالمعية، العلم بالسبق وعين السابق، الجهل بالمعية والسبق، الجهل بعين السابق مع العلم بالسبق، التباس السابق بعد معرفة عينه، ففي الصورة الأخيرة يوقف الميراث إلى البيان أو الصلح، وفي الصورة الثانية تقسم التركة، وفي الثلاثة الباقية تركة كل من الميتين بغرق ونحوه لباقي ورثته لأن الله تعالى إنما ورث الاحياء من الأموات، وهنا لم تعلم حياته عند موت صاحبه فلم يرث كالجنين إذا خرج ميتا. والتاسع الدور الحكمي وقد مر مثاله. والعاشر اللعان فإنه يقطع التوارث ذكره الغزالي. القول في موانع الميراث الحقيقية وقال ابن الهائم في شرح كفايته: الموانع الحقيقية أربعة: القتل والرق واختلاف الدين والدور الحكمي، وما زاد عليها فتسميته مانعا مجاز. وقال في غيره: إنها ستة الأربعة المذكورة والردة واختلاف العهد، وإن ما زاد عليها مجاز وانتفاء الإرث معه لا لأنه مانع بل لانتفاء الشرط كما في جهل التاريخ، وهذا أوجه وعد بعضهم من الموانع النبوة لخبر الصحيحين: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة والحكمة فيه أن لا يتمنى أحد من الورثة موتهم لذلك فيهلك، وأن لا يظن بهم الرغبة في الدنيا، وأن يكون مالهم صدقة بعد وفاتهم توفيرا لأجورهم. وقد علم مما تقرر أن الناس في الإرث على أربعة أقسام: منهم من يرث ويورث وعكسه فيهما. ومنهم من يورث ولا يرث وعكسه. فالأولى كزوجين وأخوين، والثاني كرقيق ومرتد، والثالث كمبعض وجنين في غرته فقط فإنها تورث عنه لا غيرها. والرابع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم يرثون ولا يورثون. القول في العصبات (وأقرب العصبات) من النسب العصبة بنفسه وهم (الابن) لأنه يدلي إلى الميت بنفسه (ثم ابنه) وإن سفل لأنه يقوم مقام أبيه في الإرث فكذا في التعصيب (ثم الأب) لادلاء سائر العصبات به (ثم أبوه) وإن علا (ثم الأخ للأب والام) أي الشقيق، ولو عبر به كان أخصر (ثم الأخ للأب) لأن كلا منهما ابن الأب يدلي بنفسه (ثم ابن الأخ للأب والام) أي الشقيق (ثم ابن الأخ للأب) لأن كلا منهما يدلي بنفسه كأبيه (ثم العم على هذا الترتيب) أي فيقدم العم الشقيق على العم للأب لأن كلا منهما
(٥٠)