تنبيه: يؤخذ من اعتبار تصور الملك اشتراط كون الموصى به مملوكا للموصي فتمتنع الوصية بمال الغير وهو قضية كلام الرافعي في الكتابة. وقال النووي: قياس الباب الصحة، أي يصير موصى به إذا ملكه قبل موته. ولو فسر الوصية للدابة بالصرف في علفها صح لأن علفها على مالكها فهو المقصود بالوصية، فيشترط قبوله ويتعين الصرف إلى جهة الدابة رعاية لغرض الموصي، ولا يسلم علفها للمالك بل يصرفه الوصي فإن لم يكن فالقاضي ولو بنائبه وتصح لكافر ولو حربيا مرتدا وقاتل بحق أو بغيره كالصدقة عليهما والهبة لهما. وصورتها في القاتل أن يوصي لرجل فيقتله، ولحمل إن انفصل حيا حياة مستقرة لدون ستة أشهر منها للعمل بأنه كان موجودا عندها، أو لأكثر منه ولأربع سنين فأقل منها ولم تكن المرأة فراشا لزوج أو سيد، فإن كانت فراشا له أو انفصل لأكثر من أربع سنين لم تصح الوصية لاحتمال حدوثه معها أو بعدها في الأولى ولعدم وجودها عندها في الثانية. وتصح لعمارة مسجد ومصالحه ومطلقا وتحمل عند الاطلاق عليهما عملا بالعرف فإن قال: أردت تمليكه فقيل تبطل الوصية. وبحث الرافعي صحتها بأن للمسجد ملكا وعليه وقفا قال النووي: هذا هو الأفقه الأرجح.
ثم شرع في القسم الثاني وهو الوصية لغير معين بقوله: (و) تجوز الوصية (في سبيل الله تعالى) لأنه من القربات، وتصرف إلى الغزاة من أهل الزكاة لثبوت هذا الاسم لهم في عرف الشرع، ويشترط في الوصية لغير المعين أن لا يكون جهة معصية كعمارة كنيسة للتعبد فيها وكتابة التوراة والإنجيل وقراءتهما، وكتابة كتب الفلسفة وسائر العلوم المحرمة، ومن ذلك الوصية لدهن سراج الكنيسة تعظيما لها. أما إذا قصد انتفاع المقيمين والمجاورين بضوئها فالوصية جائزة وإن خالف في ذلك الأذرعي، وسواء أوصى بما ذكر مسلم أم كافر، وإذا انتفت المعصية فلا فرق بين أن تكون قربة كالفقراء وبناء المساجد، أو مباحة لا يظهر فيها قربة كالوصية للأغنياء وفك أسارى الكفار من المسلمين لأن القصد من الوصية تدارك ما فات في حال الحياة من الاحسان، فلا يجوز أن تكون معصية.
تنبيه: سكت المصنف رحمه الله تعالى عن الصيغة وهو الركن الرابع، وشرط فيها لفظ يشعر بالوصية وفي معناه ما مر في الضمان. وهي تنقسم إلى صريح كأوصيت له بكذا أو أعطوه له أو هو له أو وهبته له بعد موتي في الثلاثة، وإلى كناية كقوله: من مالي ومعلوم أن الكناية تفتقر إلى النية والكتابة كناية فتنعقد بها مع النية كالبيع وأولى، فلو اقتصر على قوله هو له فقط فإقرار لا وصية. القول في لزوم الوصية بالموت وتلزم الوصية بموت ولكن مع قبول بعده ولو بتراخ في موصى له معين وإن تعدد. ولا يشترط القبول في غير معين كالفقراء، ويجوز الاقتصار على ثلاثة منهم ولا تجب التسوية بينهم، وإنما لم يشترط الفور في القبول