عن نقلها لأنه عرضها للتلف. نعم إن نقلها يظن أنها ملكه ولم ينتفع بها لم يضمن. وكأن يودعها غيره ولو قاضيا بلا إذن من المودع ولا عذر له لأن المودع لم يرض بذلك بخلاف ما لو أودعها غيره لعذر كمرض وسفر، وله استعانة بمن يحملها لحرز أو يعلفها أو يسقيها لأن العادة جرت بذلك، وعليه لعذر كإرادة سفر ومرض ردها لمالكها أو وكيله فإن فقدهما ردها للقاضي، وعليه أخذها فإن فقده ردها الأمين ولا يكلف تأخير السفر. ويغني عن الرد إلى القاضي أو الأمين الوصية بها إليه، فهو مخير عند فقد المالك ووكيله بين ردها للقاضي والوصية بها إليه، وعند فقد القاضي بين ردها للأمين والوصية بها إليه. والمراد بالوصية بها الاعلام بها، والامر بردها مع وصفها بما تتميز به أو الإشارة لعينها، ومع ذلك يجب الاشهاد كما في الرافعي عن الغزالي، فإن لم يردها ولم يوص بها لمن ذكر كما ذكر، ضمن إن تمكن من ردها أو الايصاء بها لأنه عرضها للفوات، وكأن يدفنها بموضع ويسافر ولم يعلم بها أمينا يراقبها لأنه عرضها للضياع، بخلاف ما إذا أعلم بها من ذكر لأن إعلامه بها بمنزلة إيداعه فشرطه فقد القاضي، وكأن لا يدفع متلفاتها كترك تهوية ثياب صوف أو ترك لبسها عند حاجتها لذلك وقد علمها لأن الدود يفسدها بترك ذلك، وكل من الهواء وعبوق رائحة الآدمي بها يدفعه، أو ترك علف دابة - بسكون اللام - لأنه واجب عليه لأنه من الحفظ، لا إن نهاه عن التهوية واللبس والعلف فلا يضمن لكنه يعصي في مسألة الدابة لحرمة الروح، فإن أعطاه المالك علفا علفها منه وإلا راجعه أو وكيله ليعلفها أو يستردها، فإن فقدهما راجع القاضي ليقترض على المالك أو يؤجرها أو يبيع جزءا منها في علفها بحسب ما يراه، وكأن تلفت بمخالفة حفظ مأمور به كقوله: لا ترقد على الصندوق الذي فيه الوديعة فرقد وانكسر بثقله وتلف ما فيه بانكساره، لا إن تلف بغيره كسرقة فلا يضمن، ولا إن نهاه عن قفلين فأقفلهما لأن رقاده وقفله ذلك زيادة في الحفظ. ثم شرع في الحكم الثاني وهو الرد بقوله: (وقول المودع) بفتح الدال (مقبول في ردها على المودع) بكسرها بيمينه وإن أشهد عليه بها عند دفعها لأنه ائتمنه.
تنبيه: ما ذكره المصنف يجري في كل أمين كوكيل وشريك وعامل قراض وجاب في رد ما جباه على الذي استأجره للجباية كما قاله ابن الصلاح. وضابط الذي يصدق بيمينه في الرد هو كل أمين ادعى الرد على من ائتمنه صدق بيمينه، إلا المرتهن والمستأجر فإنهما لا يصدقان في الرد لأنهما أخذا العين لغرض أنفسهما، فإن ادعى الرد على غير من ائتمنه كوارث المالك، أو ادعى وارث المودع - بفتح الدال - رد الوديعة على المالك، أو أودع المودع عند سفره أمينا فادعى الأمين الرد على المالك، طولب كل ممن ذكر ببينة بالرد على من ذكر إذ الأصل عدم الرد ولم يأتمنه. القول في ما يجب على الوديع (وعليه) أي الوديع (أن يحفظها) أي الوديعة لمالكه أو وارثه (في حرز مثلها) فإن أخر إحرازها مع التمكن أو دل عليها سارقا بأن عين له مكانها وضاعت بالسرقة، أو دل عليها من يصادر المالك بأن عين له موضعها فضاعت بذلك ضمنها لمنافاة ذلك للحفظ بخلاف ما إذا أعلم بها غيره. فلو أكره الوديع ظالم على تسليم الوديعة حتى سلمها إليه فللمالك تضمين الوديع لتسليمه ثم يرجع على الظالم لاستيلائه عليها، ويجب على الوديع إنكار الوديعة من الظالم والامتناع من إعلامه بها جهده، فإن ترك ذلك مع القدرة عليه ضمن وله أن يحلف على ذلك لمصلحة حفظها. قال الأذرعي: ويتجه وجوب الحلف إذا كانت الوديعة رقيقا والظالم يريد قتله أو الفجور به، ويجب أن يوري في يمينه إذا حلف وأمكنه التورية وكان يعرفها لئلا يحلف كاذبا، فإن لم يور كفر عن يمينه لأنه كاذب فيها. فإن حلف بالطلاق أو العتق مكرها عليه أو على اعترافه