لأن تطلب المالك فيها أكثر قال الزركشي: قيل ومرادهم أن يعرف كل مدة من هذه المدد ثلاثة أشهر، ولو مات الملتقط في أثناء المدة بنى وارثه على ذلك كما بحثه الزركشي، ولو التقط اثنان لقطة عرفها كل واحد نصف سنة كما قال السبكي إنه الأشبه، وإن خالف في ذلك ابن الرفعة لأنها لقطة واحدة، والتعريف من كل منهما لكلها لا لنصفها لأنها إنما تقسم بينهما عند التملك.
تنبيه: قد يتصور التعريف سنتين وذلك إذا قصد الحفظ فعرفها سنة ثم قصد التمليك فإنه لا بد من تعريفه سنة من حينئذ، ويبين في التعريف زمن وجدان اللقطة، ويذكر ندبا اللاقط ولو بنائبه بعض أوصافها في التعريف فلا يستوعبها لئلا يعتمدها الكاذب، فإن استوعبها ضمن لأنه قد يرفعه إلى من يلزم الدفع بالصفات. ويعرفها في بلد الالتقاط (على أبواب المساجد) عند خروج الناس لأن ذلك أقرب إلى وجد صاحبها (و) يجب التعريف (في الموضع الذي وجدها فيه) وليكثر منه فيه، لأن طلب الشئ في مكانه أكثر وخرج بقوله على أبواب المساجد المساجد فيكره التعريف فيها كما جزم به في المجموع وإن أفهم كلام الروضة التحريم إلا المسجد الحرام، فلا يكره التعريف فيه اعتبارا بالعرف، ولأنه مجمع الناس ومقتضى ذلك أن مسجد المدينة والأقصى كذلك. ولو أراد الملتقط سفرا استناب بإذن الحاكم من يحفظها ويعرفها، فإن سافر بها أو استناب بغير إذن الحاكم مع وجوده ضمن لتقصيره وإن التقط في الصحراء وهناك قافلة تبعها وعرف فيها إذ لا فائدة في التعريف في الأماكن الخالية، فإن لم يرد ذلك ففي بلد يقصدها قربت أو بعدت سواء أقصدها ابتداء أم لا حتى لو قصد بعد قصده الأول بلدة أخرى. ولو بلدته التي سافر منها عرف فيها ولا يكلف العدول عنها إلى أقرب البلاد إلى ذلك المكان، ويعرف حقير لا يعرض عنه غالبا متمولا كان أو مختصا ولا يتقدر بشئ بل هو ما يغلب على الظن أن فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه له غالبا إلى أن يظن إعراض فاقده عنه غالبا، وعليه مؤنة التعريف إن قصد تملكا ولو بعد لقطه للحفظ أو مطلقا وإن لم يتملك لوجوب التعريف عليه، فإن لم يقصد التملك كأن لقط لحفظ أو أطلق ولم يقصد تمليكا أو اختصاصا فمؤنة التعريف على بيت المال أو على مالك بأن يرتبها الحاكم في بيت المال أو يقترضها على المالك من اللاقط أو غيره، أو يأمره بصرفها ليرجع على المالك أو يبيع بعضها إن رآه، وإنما لم تلزم اللاقط لأن الحظ فيه للمالك فقط. ما الحكم إذا لم يجد صاحبها (فإن لم يجد صاحبها) بعد تعريفها (كان له أن يتملكها بشرط الضمان) إذا ظهر مالكها ولا يملكها الملتقط بمجرد مضي مدة التعريف، بل لا بد من لفظ أو ما في معناه كتملكت لأنه تملك مال ببدل فافتقر إلى ذلك كالتملك بشراء. وبحث ابن الرفعة في لقطة لا تملك كخمر وكلب أنه لا بد فيها مما يدل على نقل الاختصاص، فإن تملكها فظهر المالك ولم يرض ببدلها ولا تعلق بها حق لازم يمنع بيعها لزمه ردها له بزيادتها المتصلة وكذا المنفصلة إن حدثت قبل التملك تبعا للقطة، فإن تلف حسا أو شرعا بعد التملك غرم مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن كانت متقومة وقت التملك لأنه وقت دخولها في ضمانه، ولا تدفع اللقطة لمدعيها بلا وصف ولا حجة إلا أن يعلم اللاقط أنها له فيلزمه دفعها له، وإن وصفها له وظن صدقه جاز دفعها له عملا بظنه،