بمعنى الايداع أربعة: وديعة بمعنى العين المودعة، وصيغة، ومودع، ووديع. وشرط في المودع والوديع ما مر في موكل ووكيل لأن الايداع استنابة في الحفظ، فلو أودعه نحو صبي كمجنون ضمن ما أخذه منه.
وإن أودع شخص نحو صبي إنما يضمن بإتلافه، وشرط في الصيغة ما مر في الوكالة، فيشترط اللفظ من جانب المودع وعدم الرد من جانب الوديع نعم لو قال الوديع أودعنيه مثلا. فدفعه له ساكتا فيشبه أن يكفي ذلك كالعارية. وعليه فالشرط اللفظ من أحدهما نبه عليه الزركشي، والايجاب إما صريح كأودعتك هذا أو استحفظتكه أو كناية مع النية كخذه. (والوديعة أمانة) أصالة في يد الوديع (يستحب) له (قبولها) أي أخذها (لمن قام بالأمانة فيها) بأن قدر على حفظها ووثق بأمانة نفسه فيها، هذا إن لم يتعين عليه أخذها لخبر مسلم: والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه فإن تعين بأن لم يكن ثم غيره وجب عليه أخذها، لكن لا يجبر على إتلاف منفعته ومنفعة حرزه مجانا، فإن عجز عن حفظها حرم عليه قبولها لأنه يعرضها للتلف. قال ابن الرفعة: ومحله إذا لم يعلم المالك بحاله وإلا فلا تحريم، وهذا هو المعتمد وإن خالف في ذلك الزركشي وإن قدر على الحفظ، وهو في الحال أمين ولكن لم يثق بأمانته بل خاف الخيانة من نفسه في المستقبل كره له قبولها خشية الخيانة فيها، وهذا هو المعتمد كما في المنهاج. قال ابن الرفعة: ويظهر أن هذا إذا لم يعلم المالك الحال وإلا فلا تحريم ولا كراهة كما علم مما مر.
تنبيه: أحكام الوديعة ثلاثة: الحكم الأول الأمانة، والحكم الثاني الرد، والحكم الثالث الجواز. وقد أشار إلى الأول بقوله: والوديعة أمانة وقد تصير مضمونة بعوارض غالبها يؤخذ من قول المصنف (ولا يضمن إلا بالتعدي) في تلفها كأن نقلها من محلة ودار لأخرى دونها حرزا، وإن لم ينهه المودع