الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤٠
اختصارا لندرة وقوعه فيصح لقط رقيق غير مميز أو مميز زمن نهب بخلاف زمن الامن لأنه يستدل به على سيده فيصل إليه، ومحل ذلك في الأمة إذا التقطها للحفظ أو للتملك ولم تحل له كمجوسية ومحرم بخلاف من تحل له لأن تملك اللقطة كالاقتراض، وينفق على الرقيق مدة الحفظ من كسبه فإن لم يكن له كسب فإن تبرع بالانفاق عليه فذاك، وإن أراد الرجوع فلينفق بإذن الحاكم. فإن لم يجده أشهد وإذا بيع ثم ظهر المالك وقال: كنت أعتقته قبل قوله وحكم بفساد البيع.
وأما غير الآدمي وعليه اقتصر المصنف لغلبة وقوله فأشار إليه بقوله: (وهو ضربان) الأول (حيوان لا يمتنع بنفسه) من صغار السباع كشاة وعجل وفصيل والكسير من الإبل والخيل ونحو ذلك مما إذا تركه يضيع بكاسر من السباع أو بخائن من الناس، فإن وجده بمفازة (فهو مخير) فيه (بين) تملكه ثم (أكله وغرم ثمنه) لمالكه (أو تركه) أي إمساكه عنده (والتطوع بالانفاق عليه) إن شاء، فإن لم يتطوع وأراد الرجوع فلينفق بإذن الحاكم، فإن لم يجده أشهد كما مر في الرقيق (أو بيعه) بثمن مثله (وحفظ ثمنه) لمالكه ويعرفها ثم يتملك الثمن. وخرج بقيد المفازة العمران فإذا وجده فيه فله الامساك مع التعريف وله البيع والتعريف وتملك الثمن، وليس له أكله وغرم ثمنه على الأظهر لسهولة البيع في العمران بخلاف المفازة فقد لا يجد فيها من يشتري ويشق النقل إليه والخصلة الأولى من الثلاث عند استوائها في الاحظية أولى من الثانية، والثانية أولى من الثالثة.
وزاد الماوردي خصلة رابعة وهي أن يتملكه في الحال ليستبقيه حيا لدر أو نسل، قال: لأنه لما استباح تملكه مع استهلاكه فأولى أن يستبيح تملكه مع استبقائه هذا كله في الحيوان المأكول، فأما غيره كالجحش وصغار ما لا يؤكل ففيه الخصلتان الأخيرتان ولا يجوز تملكه حتى يعرفه سنة على العادة.
(و) الضرب الثاني (حيوان يمتنع) من صغار السباع كذئب ونمر وفهد (بنفسه) إما بفضل قوة كالإبل والخيل والبغال والحمير، وإما بشدة عدوه كالأرنب والظباء المملوكة، وإما بطيرانه كالحمام (فإن وجده) الملتقط (في الصحراء) الآمنة وأراد أخذه للتملك لم يجز. و (تركه) وجوبا لأنه مصون بالامتناع من أكثر السباع مستغن بالرعي إلى أن يجده صاحبه لطلبه له، ولان طروق الناس فيها لا يعم فيمن أخذه للتملك ضمنه ويبرأ من الضمان بدفعه إلى القاضي لا برده إلى موضعه، وخرج بقيد التملك إرادة أخذه للحفظ فيجوز للحاكم ونوابه وكذا للآحاد على الأصح في الروضة لئلا يضيع بأخذ خائن. وخرج بقيد الآمنة ما لو كان في صحراء زمن نهب فيجوز لقطه للتملك لأنه حينئذ يضيع بامتداد اليد الخائنة إليه (وإن وجده في الحضر) ببلدة أو قرية أو قريب منهما كان له أخذه للتملك وحينئذ (فهو مخير) فيه (بين الأشياء الثلاثة) التي تقدم ذكرها قريبا (فيه) أي الضرب الرابع في الكلام على الضرب الأول منه، وهو الذي لا يمتنع فأغنى عن إعادتها هنا وإنما جاز أخذ هذا الحيوان في العمران دون الصحراء الآمنة للتملك لئلا يضيع بامتداد الأيدي الخائنة إليه بخلاف الصحراء الآمنة فإن طروق الناس بها نادر.
تتمة: لا يحل لقط حرم مكة إلا لحفظ، فلا يحل إن لقط للتملك أو أطلق ويجب تعريف ما التقطه للحفظ لخبر: إن هذا البلد حرمه الله تعالى لا يلتقط لقطته إلا من عرفها ويلزم اللاقط الإقامة للتعريف أو دفعها إلى الحاكم، والسر في ذلك أن حرم مكة مثابة للناس يعودون إليه مرة بعد الأخرى، فربما يعود مالكها من أجلها أو يبعث في طلبها فكأنه جعل ماله
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302