إلا أنه يصح تعريفه دونهما، ومن أخذ لقطة لا لخيانة بأن لقطها لحفظ أو تملك أو اختصاص، أو لم يقصد خيانة ولا غيرها، أو قصد أحدهما ونسيه فأمين، وإن قصد الخيانة بعد أخذها ما لم يتملك أو يختص بعد التعريف ويجب تعريفها، وإن لقطها لحفظ وإن أخذها للخيانة فضامن وليس له تعريفها، ولو دفع لقطة لقاض لزمه قبولها. القول فيما يجب على الملتقط (وإذا أخذها) أي اللقطة الملتقط الواثق بنفسه أو غيره ( فعليه) حينئذ (أن يعرف) بفتح حرف المضارعة (ستة أشياء) وهي في الحقيقة ترجع إلى أربعة وترك معرفة اثنين كما سيظهر: الأول أن يعرف (وعاءها) وهو بكسر الواو والمد ما هي فيه من جلد أو غيره. (و) الثاني أن يعرف (عفاصها) وهو بكسر العين المهملة، وأصله كما في تحرير التنبيه عن الخطابي الجلد الذي يلبس رأس القارورة، وهي مراد المصنف كصاحب التنبيه لأنهما جمعا بين الوعاء والعفاص، والمحكي في تحرير التنبيه عن الجمهور أن العفاص هو الوعاء، ولذلك قال في الروضة: فيعرف عفاصها وهي الوعاء من جلد وخرقة وغيرهما انتهى. فأطلق العفاص على الوعاء توسعا، (و) الثالث:
أن يعرف (وكاءها) وهو بكسر الواو وبالمد ما تربط به من خيط أو غيره. (و) الرابع: أن يعرف (جنسها) من نقد أو غيره. (و) الخامس: أن يعرف (عددها) كاثنين فأكثر. (و) السادس: أن يعرف (وزنها) كدرهم فأكثر. أما كونها ترجع إلى أربع فإن العفاص والوعاء واحد كما عليه الجمهور، والعدد والوزن يعبر عنهما بالقدر فإن معرفة القدر شاملة للوزن والعدد والكيل والزرع.
والسابع: وهو المتروك من كلامه أن يعرف صنفها أهروية أم مروية. والثامن: أن يعرف صفتها من صحة وتكسير ونحوهما، ومعرفة هذه الأوصاف تكون عقب الاخذ كما قاله المتولي وغيره. وهي سنة كما قاله الأذرعي وغيره وهو المعتمد، وهو قضية كلام الجمهور. وفي الكافي أنها واجبة وجرى عليه ابن الرفعة، ويندب كتب الأوصاف كما قال الماوردي وأنه التقطها في وقت كذا. (و) يجب عليه (أن يحفظها) لمالكها (في حرز مثلها) إلى ظهوره لأنها فيها معنى الأمانة والولاية والاكتساب، فالأمانة والولاية أولا والاكتساب آخرا بعد التعريف. وهل المغلب فيها الأمانة والولاية لأنهما ناجزان أو الاكتساب لأنه المقصود؟ وجهان في الروضة وأصلها من غير ترجيح، والمرجح فيها تغليب الاكتساب لأنه يصح التقاط الفاسق والذمي في دار الاسلام، ولولا أن المغلب ذلك لما صح التقاطهما. (ثم إذا أراد) الملتقط (تملكها عرفها سنة) أي من يوم التعريف تحديدا، والمعنى في ذلك أن السنة لا تتأخر فيها القوافل غالبا وتمضي فيها الفصول الأربعة. قال ابن أبي هريرة. ولأنه لو لم يعرف سنة لضاعت الأموال على أربابها، ولو جعل التعريف أبدا لامتنع من التقاطها فكان في السنة نظر للفريقين معا. ولا يشترط أن تكون السنة متصلة بل تكفي ولو مفرقة على العادة إن كانت غير حقيرة، ولو من الاختصاصات فيعرفها أولا كل يوم مرتين طرفيه أسبوعا ثم كل يوم مرة طرفه أسبوعا أو أسبوعين ثم في كل أسبوع مرة أو مرتين، ثم في كل شهر كذلك بحيث لا ينسى أنه تكرار لما مضى. وإنما جعل التعريف في الأزمنة الأول أكثر