وإن قصدها فإن كان بما يقتل غالبا فهو العمد وإلا فشبه عمد كما تؤخذ هذه الثلاثة من قوله: (فالعمد المحض) أي الخالص (هو أن يعمد) بكسر الميم أي يقصد (إلى ضربه) أي الشخص المقصود بالجناية. (بما يقتل غالبا) كجارح ومثقل وسحر. (ويقصد) بفعله (قتله بذلك) عدوانا من حيث كونه مزهقا للروح كما في الروضة فخرج بقيد قصد الفعل ما لو تزلقت رجله فوقع على غيره فمات فهو خطأ وبقيد الشخص المقصود ما لو رمى زيدا فأصاب عمرا فهو خطأ. وبقيد الغالب النادر كما لو غرز إبرة في غير مقتل ولم يعقبها ورم ومات، فلا قصاص فيه. وإن كان عدوانا وبقيد العدوان القتل الجائز وبقيد حيثية الازهاق للروح ما إذا استحق حز رقبته قصاصا فقده نصفين فلا قصاص فيه وإن كان عدوانا قال في الروضة لأنه ليس عدوانا من حيث كونه مزهقا وإنما هو عدوان من حيث إنه عدل عن الطريق.
فائدة: يمكن انقسام القتل إلى الأحكام الخمسة: واجب وحرام ومكروه ومندوب ومباح: فالأول: قتل المرتد إذا لم يتب والحربي إذا لم يسلم أو يعطي الجزية والثاني: قتل المعصوم بغير حق والثالث: قتل الغازي قريبه الكافر إذا لم يسب الله تعالى أو رسوله والرابع: قتله إذا سب أحدهما والخامس: قتل الإمام الأسير، إذا استوت الخصال فإنه مخير فيه وأما قتل الخطأ فلا يوصف بحلال ولا حرام لأنه غير مكلف فيما أخطأ فيه فهو كفعل المجنون والبهيمة. الواجب في العمد المحض (فيجب) في القتل العمد لا في غيره كما سيأتي (القود) أي القصاص لقوله تعالى: * (كتب عليكم القصاص في القتلى) * [/ اي الآية سواء أمات في الحال أم بعده بسراية جراحة وأما عدم وجوبه في غيره فسيأتي وسمي القصاص قودا لأنهم يقودون الجاني بحبل أو غيره إلى محل الاستيفاء وإنما وجب القصاص فيه لأنه بدل متلف فتعين جنسه كسائر المتلفات.
(فإن عفا) المستحق (عنه) أي القود مجانا سقط ولا دية. وكذا إن أطلق العفو لا دية على المذهب لأن القتل لم يوجب الدية، والعفو إسقاط ثابت لا إثبات معدوم أو عفا على مال (وجبت دية مغلظة) كما سنعرفه فيما سيأتي (حالة في مال القاتل) وإن لم يرض الجاني لما روى البيهقي عن مجاهد وغيره: كان في شرع موسى عليه السلام تحتم القصاص جزما وفي شرع عيسى عليه السلام الدية فقط. فخفف الله تعالى عن هذه الأمة وخيرها بين الامرين لما في الالزام بأحدهما من المشقة، ولان الجاني محكوم عليه فلا يعتبر