أبي حنيفة ومالك رضي الله عنهما والخمس رضعات ضبطهن بالعرف، إذ لا ضابط لها في اللغة ولا في الشرع فرجع فيها إلى العرف كالحرز في السرقة فما قضى بكونه رضعة أو رضعات اعتبر وإلا فلا، ولا خلاف في اعتبار كونها (متفرقات) عرفا فلو قطع الرضيع الارتضاع بين كل من الخمس إعراضا عن الثدي تعدد عملا بالعرف، ولو قطعت عليه المرضعة لشغل وأطالته ثم عاد تعدد كما في أصل الروضة لأن الرضاع يعتبر فيه فعل المرضعة والرضيع على الانفراد بدليل ما لو ارتضع على امرأة نائمة أو أجرعته لبنا وهو نائم. وإذا ثبت ذلك وجب أن يعتد بقطعها كما يعتد بقطعه، ولو قطعه للهو أو نحوه، كنومة خفيفة أو تنفس أو ازدراد ما جمعه من اللبن في فمه وعاد في الحال لم يتعدد بل الكل رضعة واحدة فإن طال لهوه أو نومه، فإن كان الثدي في فمه فرضعة وإلا فرضعتان ولو تحول الرضيع بنفسه أو بتحويل المرضعة في الحال من ثدي إلى ثدي أو قطعته المرضعة لشغل خفيف ثم عادت لم يتعدد حينئذ فإن لم يتحول في الحال تعدد الارضاع ولو حلب منها لبن دفعة ووصل إلى جوف الرضيع أو دماغه بإيجار أو إسعاط أو غير ذلك، في خمس مرات أو حلب منها خمسا وأوجر به الرضيع دفعة، فرضعة واحدة في الصورتين اعتبارا في الأولى بحال الانفصال من الثدي وفي الثانية بحاله وصوله إلى جوفه دفعة واحدة. ولو شك في رضيع هل رضع خمسا أو أقل أو هل رضع في حولين أو بعدهما فلا تحريم، لأن الأصل عدم ما ذكر ولا يخفى الورع والشرط الثالث: وصول اللبن في الخمس إلى المعدة فلو لم يصل إليها فلا تحريم، ولو وصل إليها وتقايأه ثبت التحريم. والشرط الرابع: كون الطفل حيا كما في الروضة فلا أثر للوصول إلى معدة الميت.
واعلم أن الحرمة تنتشر من المرضعة والفحل إلى أصولهما وفروعهما وحواشيهما، ومن الرضيع إلى فروعه فقط إذا علمت ذلك ووجدت الشروط المذكورة فتصير المرضعة بذلك أمه. (ويصير زوجها) الذي ينسب إليه الولد بنكاح أو وطئ شبهة (أبا له) لأن الرضاع تابع للنسب أما من لم ينسب إليه الولد كالزاني فلا يثبت به حرمة من جهته، وتنتشر الحرمة من الرضيع إلى أولاده فقط سواء كانوا من النسب أم من الرضاع فلا تسري الحرمة إلى آبائه، وإخوته فلأبيه وأخيه نكاح المرضعة وبناتها ولزوج المرضعة أن يتزوج بأم الطفل وأخته ويصير آباء المرضعة من نسب أو رضاع أجدادا للرضيع لما مر وأولادها من نسب أو رضاع جداته لما مر أن من الحرمة تنتشر إلى أصولها وتصير أمهاتها من نسب أو رضاع جداته لما مر وأولادها من نسب أو رضاع وأخواته لما مر من أن الحرمة تنتشر إلى فروعها وتصير إخوتها وأخواتها، من نسب أو رضاع أخواله وخالاته، لما مر من أن الحرمة تسري إلى حواشيها.
وإذا علمت ذلك فيمتنع عليه أن يتزوج بها كما يشير إلى ذلك قوله: (ويحرم على المرضع) بفتح الضاد اسم مفعول. (التزويج إليها) أي المرضعة لأنها أمه من الرضاعة فتحرم عليه بنص القرآن.
(و) تنتشر الحرمة منها (إلى كل من ناسبها) أي من انتسبت إليه من الأصول أو انتسب إليه من الفروع.
تنبيه: كان الأولى أن يقول إلى كل من تنتمي إليه أو ينتمي إليها بنسب أو رضاع لما مر من الضابط (ويحرم عليها) أي المرضعة (التزويج إليه) أي الرضيع لأنه ولدها وهذا معلوم.