الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٤٧
على نفسها من مالها أو مما اقترضته صار دينا عليه وإن لم يقرضها القاضي كسائر الديون المستقرة فإن لم تصبر. (فلها فسخ النكاح) بالطريق الآتي: لقوله تعالى: * (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * فإذا عجز عن الأول تعين الثاني ولأنها إذا فسخت بالجب أو العنة فبالعجز عن النفقة أولى، لأن البدن لا يقوم بدونها بخلاف الوطئ. أما لو أعسر بنفقة ما مضى فلا فسخ على الأصح ولا فسخ أيضا بالاعسار بنفقة الخادم ولا بامتناع موسر من الانفاق سواء أحضر أم غاب عنها لتمكنها من تحصيل حقها بالحاكم ولو حضر الزوج وغاب ماله فإن كان غائبا بمسافة القصر فأكثر فلها الفسخ ولا يلزمها الصبر للضرر فإن كان دون مسافة القصر فلا فسخ لها. ويؤمر بإحضاره بسرعة ولو تبرع شخص بها عن زوج معسر لم يلزمها القبول بل لها الفسخ لما فيه من المنة نعم لو كان المتبرع أبا أو جدا والزوج تحت حجره وجب عليها القبول وقدرة الزوج على الكسب كالقدرة على المال وإنما تفسخ الزوجة بعجز الزوج عن نفقة معسر فلو عجز عن نفقة موسر أو متوسط لم تفسخ لأن نفقته الآن نفقة معسر فلا يصير الزائد دينا عليه والاعسار بالكسوة كالاعسار بالنفقة إلا إذا لا بد منها ولا يبقى البدن بدونها غالبا ولا تفسخ بإعساره من الادم والمسكن، لأن النفس تقوم بدونهما بخلاف القوت (و) كذلك يثبت لها خيار الفسخ (إن أعسر بالصداق قبل الدخول) للعجز عن تسليم العوض مع بقاء المعوض فأشبه ما إذا لم يقبض البائع الثمن حتى حجر على المشتري بالفلس، والمبيع باق بعينه ولا تفسخ بعده لتلف المعوض وصيرورة العوض دينا في الذمة.
تنبيه: لو قبضت بعض المهر قبل الدخول كما هو المعتاد وأعسر بالباقي كان لها الفسخ، كما أفتى به البارزي وهو مقتضى كلام المصنف لصدق العجز عن المهر بالعجز عن بعضه. وبه صرح الجوزي وقال الأذرعي: هو الأوجه نقلا ومعنى وإن أفتى ابن الصلاح بأنه لا فسخ إذ يلزم على إفتائه إجبار الزوجة على تسليم نفسها بتسليم بعض الصداق. ولو أجبرت لاتخذ الأزواج ذلك ذريعة إلى إبطال حق المرأة من حبس نفسها بتسليم درهم واحد من صداق هو ألف درهم وهو في غاية البعد.
تتمة: لا فسخ بإعسار زوج بشئ مما ذكر حتى يثبت عند قا ض بعد الرفع إليه إعساره ببينة أو إقرار فيفسخه بنفسه أو بنائبه بعد الثبوت أو يأذن لها فيه. وليس لها مع علمها بالعجز الفسخ قبل الرفع إلى القاضي ولا بعده قبل الاذن فيه. نعم إن عجزت عن الرفع إلى القاضي وفسخت نفذ ظاهرا وباطنا للضرورة ثم على ثبوت الفسخ بإعسار الزوج بالنفقة، يجب إمهاله ثلاثة أيام وإن لم يطلب الزوج الامهال ليتحقق عجزه فإنه قد يعجز لعارض ثم يزول وهي مدة قريبة يتوقع فيها القدرة بقرض أو غيره. ولها خروج فيها لتحصيل نفقة مثلا بكسب وسؤال وعليها رجوع لمسكنها ليلا لأنه وقت الدعة. وليس لها منعه من التمتع ثم بعد الامهال يفسخ القاضي أو هي بإذنه صبيحة الرابع نعم إن لم يكن في الناحية قاض ولا محكم ففي الوسيط لا خلاف في استقلالها بالفسخ، فإن سلم نفقة اليوم الرابع، فلا فسخ لتبين زوال ما كان الفسخ لأجله. فإن أعسر بعدما سلم نفقة اليوم الرابع بنفقة الخامس بنت على المدة، ولم تستأنفها كما لو أيسر في الثالث، ثم أعسر في الرابع فإنها تبني ولا تستأنف ولو رضيت قبل النكاح أو بعده بإعساره فلها الفسخ لأن الضرر يتجدد ولا أثر لقولها: رضيت به أبدا لأنه وعد لا يلزم الوفاء به، إلا إن رضيت بإعساره بالمهر فلا فسخ لها، لأن الضرر لا يتجدد.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302