فمن صوره: أن يختلف الجنس من الطرفين أو أحدهما، كما إذا باع مد عجوة، ودرهما بمد عجوة ودرهم، أو بمدي عجوة، أو بدرهمين، أو باع صاع حنطة وصاع شعير بصاع حنطة وصاع شعير، أو بصاعي حنطة، أو بصاعي شعير.
ومن صوره: أن يختلف النوع أو الصفة من الطرفين أو أحدهما، كما إذا باع مد عجوة ومد صيحاني، بمد عجوة، ومد صيحاني، أو بمدي عجوة، أو بمدي صيحاني أو باع مائة دينار جيدة، ومائة دينار رديئة بمائتي دينار جيد، أو ردئ، أو وسط، أو بمائة جيد، ومائة ردئ، فلا يصح البيع في شئ من هذه الصور ونظائرها. هذا هو الصحيح المعروف الذي قطع به الجمهور، ولنا وجه: أنه إذا باع مد عجوة ودرهما بمد ودرهم، والدرهمان من ضرب واحد، والمدان من شجرة واحدة، أو باع صاع حنطة وصاع شعير بمثلهما، وصاعا الحنطة من صبرة، وكذا الشعير، صح. ويحكى هذا عن القاضيين أبي الطيب وحسين، واختاره الروياني.
وحكى صاحب البيان وجها: أنه لا يضر اختلاف النوع والصفة، إذا اتحد الجنس. والمعروف ما سبق.
ومن صور هذا الأصل: أن يبيع دينارا صحيحا ودينارا مكسرا بدينار صحيح وآخر مكسر، أو بصحيحين، أو بمكسرين إذا كانت قيمة المكسر دون الصحيح، ولنا وجه ضعيف: أن صفة الصحة في محل المسامحة. ثم إن الأصحاب، أطلقوا القول بالبطلان في حكايتهم المذهب. وحكى صاحب التتمة: أنه إذا باع مدا ودرهما بمدين، بطل العقد في المد المضموم إلى الدرهم وفيما يقابله من المدين.
وهل يبطل في الدرهم وما يقابله من المدين؟ فيه قولا تفريق الصفقة. وعلى هذا قياس ما لو باعهما بدرهمين، أو باع صاع حنطة وصاع شعير، بصاعي حنطة، أو بصاعي شعير. ويمكن أن يكون كلام من أطلق محمولا على ما فصله. ولو كان الجيد مخلوطا بالردئ، فباع صاعا منه بمثله، أو بجيد، أو بردئ، جاز، لان التوزيع إنما يكون عند تميز أحد النوعين عن الآخر. أما إذا لم يتميز، فهو كما لو باع صاعا وسطا بجيد، أو ردئ، فيجوز. ثم صور البطلان مفروضة فيما إذا قابل الجملة بالجملة. فلو فصل، فتبايعا مد عجوة ودرهما بمد ودرهم، وجعلا المد في مقابلة المد، والدرهم في مقابلة الدراهم، أو جعلا المد في مقابلة الدراهم، والدراهم في مقابلة المد جاز، وكان كصفقتين متباينتين.