الحال الثاني: أن لا تكون الزيادة قابلة للتمييز، كخلط ذوات الأمثال بعضها ببعض، فإذا اشترى صاع حنطة أو رطل زيت، فخلطه بحنطة، أو زيت، ثم فلس، فإن كان مثله، فللبائع الفسخ، وتملك صاع من المخلوط، وطلب القسمة. وإن طلب البيع، فهل يجاب؟ وجهان. أصحهما: لا، كما لا يجاب الشريك. والثاني: نعم، لأنه لا يصل بالقسمة إلى عين حقه، ويصل بالبيع إلى بدل حقه، وقد يكون له غرض. وإن كان المخلوط أردأ من المبيع، فله الفسخ والرجوع في قدر حقه من المخلوط. وفي كيفيته وجهان. أحدهما: يباع الجميع، ويقسم الثمن بينهما على قدر القيمتين، لأنه لو أخذ صاعا، نقص حقه. ولو أخذ أكثر، حصل الربا. فعلى هذا، إن كان المبيع يساوي درهمين، والمخلوط به درهما، قسم الثمن أثلاثا. وأصحهما: ليس له إلا أخذ صاع، أو المضاربة، لأنه نقص حصل في المبيع، كتعيب العبد. وخرج قول أن الخلط بالمثل والأردأ يمنع الرجوع، وليس بشئ. وإن كان المخلوط به أجود، فأقوال. أظهرها: ليس له الرجوع، بل يضارب بالثمن. والثاني: يرجع ويباعان، ثم يوزع الثمن على نسبة القيمة. والثالث: يوزع نفس المخلوط بينهما باعتبار القيمة. فإذا كان المبيع يساوي درهما، والمخلوط به درهمين، أخذ ثلثي صاع، وهذا القول أضعفها، وهو رواية البويطي والربيع.
فرع قال الامام: إذا قلنا: الخلط يلحق المبيع بالمفقود، فكان أحد الخليطين كثيرا، والآخر قليلا، لا تظهر به زيادة في الحس، ويقع مثله بين الكيلين، فإن كان الكثير للبائع، فالوجه: القطع بكونه واجدا عين ماله، وإن كان الكثير للمشتري، فالظاهر كونه فاقدا.
فرع لو كان المخلوط به من غير جنس المبيع، كالزيت بالشيرج، فلا فسخ، بل هو كالتالف، وفيه احتمال للامام.
الضرب الثاني: الصفة المحضة. فإذا اشترى حنطة فطحنها، أو ثوبا فقصره، أو خاطه بخيوط من نفس الثوب، ثم فلس، فللبائع الرجوع فيه. ثم إن لم تزد قيمته، فلا شركة للمفلس، وإن نقصت، فلا شئ للبائع غيره، وإن زادت، فقولان. أحدهما: أن هذه الزيادة أثر، ولا شركة للمفلس، لأنها صفات تابعة،