تصرفه فيه بما يضر بالغرماء، ولا تزاحمها الديون الحادثة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. والثاني: أن من وجد عند المفلس عين ماله، كان أحق به من غيره. فلو مات مفلسا قبل الحجر عليه، تعلقت الديون بتركته كما سبق في الرهن. ولا فرق في ذلك بين المفلس وغيره، ولكن يثبت الحكم الثاني، ويكون موته مفلسا كالحجر عليه. ولو كان مال الميت وافيا بديونه، فالصحيح: أنه لا يرجع في عين المبيع، كما في حال الحياة، لتيسر الثمن. وقال الإصطخري: يرجع.
واعلم أن التعلق المانع من التصرف، يفتقر إلى حجر القاضي عليه قطعا.
وكذا الرجوع إلى عين المبيع. هذا هو الذي يدل عليه كلام الأصحاب تعريضا وتصريحا. وقد يشعر بعض كلامهم بالاستغناء فيه عن حجر القاضي، ولكن المعتمد الأول.
فصل يحجر القاضي على المفلس بالتماس الغرماء الحجر عليه بالديون الحالة الزائدة على قدر ماله، فهذه قيود.
الأول: الالتماس، فلا بد منه. فليس للقاضي الحجر بغير التماس، لان الحق لهم. فلو كانت الديون لمجانين أو صبيان، أو محجور عليه بسفه، حجر لمصلحتهم بلا التماس، ولا يحجر لدين الغائبين، لأنه لا يستوفي مالهم في الذمم، إنما يحفظ أعيان أموالهم.
قلت: وإذا وجد الالتماس مع باقي الشروط المجوزة للحجر، وجب على الحاكم الحجر، صرح به أصحابنا كالقاضي أبي الطيب، وأصحاب الحاوي و الشامل والبسيط وآخرين. وإنما نبهت عليه، لان عبارة كثيرين من أصحابنا: فللقاضي الحجر، وليس مرادهم أنه مخير فيه. والله أعلم.
القيد الثاني: كون الالتماس من الغرماء، فلو التمس بعضهم ودينه قدر يجوز