فإن قال الطالب: ألقى أنا متاعك وعلى وعلى ركاب السفينة ضمانه. فقال صاحب المتاع نعم فألقاه ففيه وجهان (أحدهما) لا يلزم الملقى الا بحصته لأنه قدر ما ضمن (والثاني) يلزمه الجميع لأنه باشر الاتلاف. وان قال لغيره:
ألقى متاع فلان وأنا ضامن لك لو طالبك لم يصح هذا الضمان، ويلزم الضمان على الملقى لأنه هو المباشر.
(مسألة) استحدث في عصرنا هذا شركات تقوم بالتزام دفع ضمان ما يهلك من السفن أو السيارات وتصدر القوانين من الحكومات لالزام أصحاب السيارات والسفن والمصانع أداء قدر من المال إلى هذه الشركات الضامنة وتسمى شركات التأمين، فأما من جهة الضمن فلا خلاف في جوازه بناء على ما قلنا فيمن قال:
ألق متاعك وأنا ضامن فإنه يلزمه الضمان. وأما ما يؤدى إلى هذه الشركات فهل يجرى مجرى الاجر على الضمان؟ أم أنها أموال معونة ورفق ترصد لتكون على أهبة الاستعداد دائما لدفع الضمان عند حدوث التلف؟ أم أنها صور ربوية محظورة؟ أم هي من القمار المحرم؟ هذا ما سأفرده ببحث خاص في كتاب على حدة إن شاء الله.
(فرع) وان خرق رجل السفينة فغرق ما فيها، فإن كان مالا، لزمه ضمانه، سواء خرقها عمدا أو خطأ، لان المال يضمن بالعمد والخطأ، وإن كان فيه أحرار فغرقوا وماتوا فإن كان عامدا مثل أن يقلع منها لوحا يغرق مثلها من قلعه في الغالب وجب عليه القود بهم، فيقتل بأحدهم وتجب للباقين الدية في ماله، وإن كان مخطئا بأن سقط من يده حجر أو فأس فحرق موضعا فيها فغرقوا كان على عاقلته ديانهم مخففة، وإن كان عمد خطأ مثل أن فيها ثقب فأراد صلاحه فانخرق عليه كان على عاقلته ديانهم مغلظة قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) فان رمى عشرة أنفس حجرا بالمنجنيق فرجع الحجر وقتل أحدهم سقط من ديته العشر ووجب تسعة أعشار الدية على الباقين لأنه مات من فعله وفعلهم، فهدر بفعله العشر، ووجب الباقي على التسعة