الخطأ شبه العمد، قتيل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها) وعندهم مثله عن عبد الله بن عمرو ما بقي من الفصول فعلى وجهها وقد تضمنت فصولنا السابقة أيضا حالها وبيانا لمذاهب المسلمين في باب العفو عن القصاص. وسيأتي في الفصل مزيد.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وإن قتل مسلما تترس به الكفار لم يجب القصاص، لأنه لا يجوز أن يجب القصاص القصاص مع جواز الرمي، وأما الدية فقد قال في موضع تجب. وقال في موضع إن علمه مسلما وجبت، فمن أصحابنا من قال: هو على قولين (أحدهما) أنها تجب، لأنه ليس من جهته تفريط في الإقامة بين الكفار فلم يسقط ضمانه.
(والثاني) أنه لا تجب لان القاتل مضطر إلى رميه، ومنهم من قال إن علم أنه مسلم لزمه ضمانه، وان لم يعلم لم يلزمه ضمانه، لان مع العلم بإسلامه يلزمه أن يتوقاه، ومع الجهل باسلامه لا يلزمه أن يتوقاه، وحمل القولين على هذين الحالين وقال أبو إسحاق: إن عنيه بالرمي ضمنه، وإن لم يعنه لم يضمنه، وحمل القولين على هذين الحالين.
(فصل) وتجب الدية بقتل الخطأ لقوله عز وجل (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) وتجب بقتل العمد في أحد القولين، وبالعفو على الدية في القول الآخر، وقد بيناه في الجنايات، وتجب بشبه العمد لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن في دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها، فإن غرز إبرة في غير مقتل فمات، وقلنا إنه لا يجب عليه القصاص ففي الدية وجهان (أحدهما) أنها تجب لأنه قد يفضى إلى القتل.
(والثاني) لا تجب لأنه لما لم تجب بأقل المثقل وهو الضرب بالقلم والرمي بالحصاة لم تجب بأقل المحدد.