قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن أظهر قوم رأى الخوارج ولم يخرجوا عن قبضة الامام لم يتعرض لهم، لان عليا كرم الله وجهه سمع رجلا من الخوارج يقول: لا حكم إلا لله تعريضا له في التحكيم في صفين، فقال كلمة حق أريد بها باطل) ثم قال لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أنه تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم من الفئ ما دامت أيديكم معنا، ولا نبدؤكم بقتال) ولان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للمنافقين الذين كانوا معه في المدينة، فلان لا نتعرض لأهل البغي وهم من المسلمين أولى، وحكمهم في ضمان النفس والمال والحد حكم أهل العدل، لان ابن ملجم جرح عليا كرم الله وجهه، فقال (أطعموه واسقوه واحبسوه، فإن عشت فأنا ولى دمى، أعفو إن شئت، وإن شئت استقدت، وان مت فاقتلوه ولا تمثلوا به) فان قتل فهل يتحتم قتله؟ فيه وجهان (أحدهما) يتحتم لأنه قتل بشهر السلاح، فتحتم قتله كقاطع الطريق (والثاني) لا يتحتم وهو الصحيح لقول علي كرم الله وجهه (أعفو إن شئت وان شئت استقدت) وان سبوا الامام أو غيره من أهل العدل عزروا، لأنه محرم ليس فيه حد ولا كفارة فوجب فيه التعزير. وإن عرضوا بالسب ففيه وجهان (أحدهما) يعزرون لأنهم إذا لم يعزروا على التعريض صرحوا وخرقوا الهيبة (والثاني) لا يعزرون لما روى أبو يحيى قال صلى بنا علي رضي الله عنه صلاة الفجر فناداه رجل من الخوارج (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) فأجابه على رضوان الله عليه وهو في الصلاة (فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) ولم يعزره (فصل) وإن خرجت على الامام طائفة لا منعة لها أو أظهرت رأى الخوارج كان حكمهم في ضمان النفس والمال والحدود حكم أهل العدل، لأنه لا يخاف نفورهم لقتلهم وقدرة الامام عليهم، فكان حكمهم فيما ذكرناه حكم الجماعة، كما لو كانوا في قبضته