قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويكره أن يقصد قتل ذي رحم محرم، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم منع أبا بكر رضي الله عنه من قتل ابنه فإن قتله لم يكره أن يقصد قتله كما لا يكره إذا قصد قتله وهو مسلم، وإن سمعه يذكر الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم بسوء لم يكره أن يقتله، لان أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قتل أباه وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يسبك، ولم ينكره عليه (فصل) ولا يجوز قتل نسائهم ولا صبيانهم إذا لم يقاتلوا لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان ولا يجوز قتل الخنثى المشكل، لأنه يجوز أن يكون رجلا ويجوز أن يكون امرأة فلم يقتل مع الشك، وإن قاتلوا جاز قتلهم لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة مقتولة يوم حنين، فقال من قتل هذه؟ فقال رجل أنا يا رسول الله غنمتها فأردفتها خلفي فلما رأت الهزيمة فينا أهوت إلى سيفي أو إلى قائم سيفي لتقتلني فقتلتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما بال النساء ما شأن قتل النساء، ولو حرم ذلك لا نكره النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه إذا جاز قتلهن إذا قصدن القتل وهن مسلمات فلان يجوز قتلهن وهن كافرات أولى.
(فصل) وأما الشيخ الذي لا قتال فيه فإن كان له رأى في الحرب جاز قتله لان دريد بن الصمة كان شيخا كبيرا وكان له رأى، فإنه أشار على هوازن يوم حنين ألا يخرجوا معهم بالذراري، فخالفه مالك بن عوف فخرج بهم فهزموا، فقال دريد في ذلك:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى * فلم يستبينوا الرشد الا ضحى الغد وقتل ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم قتله، ولان الرأي في الحرب أبلغ من القتال لأنه هو الأصل وعنه يصدر القتال، ولهذا قال المتنبي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان * هو أول وهي المحل الثاني فإذا هما اجتمعا لنفس مرة * بلغت من العلياء كل مكان ولربما طعن الفتى أقرانه * بالرأي قبل تطاعن الفرسان