الآية ثلاث كفارات، إحداهن إذا قتل مؤمنا في دار الاسلام بقوله (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) الثانية: إذا قتل مؤمنا في دار الحرب بأن كان أسيرا في صفهم أو مقيما باختياره بقوله تعالى (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) ومعناه في قوم عدو لكم. والثالثة: إذا قتل ذميا بقوله تعالى (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة) إذا ثبت هذا فظاهر الآية بقوله تعالى (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ) أنه ما ينبغي لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ قال العمراني: الاستثناء من النفي اثبات، فليس له أن يقتله عمدا وله قتله خطأ، وقال القرطبي: ليس على النفي وإنما هو على التحريم والنهى كقوله تعالى (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله) ولو كانت على النفي لما وجد مؤمن قتل مؤمنا قط، لان ما نفاه الله تعالى لا يجوز وجوده كقوله تعالى (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) فلا يقدر العباد أن ينبتوا شجرها، ثم استثنى استثناء منقطعا ليس من الأول، وهو الذي يكون فيه (الا)) بمعنى لكن والتقدير ما كان له أن يقتله البتة، لكن أن قتله خطأ فعليه كذا هذا قول سيبويه والزجاج اه وللاستثناء المنقطع شواهد كثيرة في القرآن كقوله تعالى (ما لهم به من علم الا اتباع الظن) وقوله تعالى (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب الا رحمة من ربك) قال الشيخ أبو حامد الأسفراييني: ولا خلاف بين أهل العلم أن قتل الخطأ محرم كقتل العمد، الا أن قتل العمد يتعلق به الاثم، وقتل الخطأ لا اثم فيه، واختلف أصحابنا في تأويل قوله (الا خطأ) فمنهم من قال هو استثناء منقطع من غير الجنس كما أوضحناه عن القرطبي من المالكية، واستشهد هؤلاء الأصحاب بقوله تعالى (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وتقدير لكن كلوا بالتجارة، لأنه لو كان استثناء من الجنس لكان تقديره: الا أن تكون تجارة بينكم عن تراض منكم فكلوها بالباطل. وهذا لا يجوز
(١٨٦)